اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > مثيولوجيا الكهرباء الوطنية

مثيولوجيا الكهرباء الوطنية

نشر في: 17 ديسمبر, 2011: 08:06 م

علي حسن الفواز هل يمكن للعراقيين أن يكونوا شعباً بلا كهرباء؟ وهل يمكنهم أن يبتكروا طاقة أخرى لا تأتي من الجينات الكهربائية؟ وهل يمكننا أن نكون الشعب التاريخي الوحيد الذي استطاع أن يزاوج مابين الحداثة واللاكهرباء، وان نكتفي بالحداثة اللغوية والحداثة السياسية والحداثة البلدية التي تنفذها بامتياز خارق أمانة بغداد وبلديات المحافظات؟
هذه الأسئلة موجهة إلى القيمين على الجهد الكهربائي الوطني، لأنها أسئلة في النقد الثقافي ليس إلا، والنقد الثقافي يجوز له ما لايجوز للنقد الأدبي، لأنه يملك الحق المنهجي والأخلاقي في الاشتغال على مناطق الأزمات، والتفاصيل الغائبة والمضمرة وكل ما تحت الطاولة، واعتقد أن العراق يعاني  أزمات غريبة عجيبة اسمها عطلات الكهرباء، ومن هموم ما تحت الطاولة، إذ لم تنفع كل الحلول الكهربائية المتداولة، وكل خطط وبرامج الوزراء الكهربائيين الذين تعاقبوا على الخدمة الكهربائية والذين اكتشفنا في ما بعد أنهم يتجاوزون على الحق العام، أو أنهم غير مهنيين، أو أنهم يخضعون للابتزاز السياسي من هذه الجهة أو تلك أوالتورط في الصفقات المشبوهة التي جعلت العراق اكبر سوق للخردة الكهربائية في الدنيا. حديث الأزمة الكهربائية تحول إلى حديث تاريخي بالفعل، إذ يكفي أن يمر أكثر من ثماني سنوات على مشكلة ما ولم تحلّ أن تكتسب هذه الصفة التاريخية، ورغم هذا مازال الجميع يسمع وعودا، ويسمع كلاما كهربائيا كثيرا من النوع الذي يصيب بالصعقة الكهربائية، أي انه (ينتل)كما تقول أدبياتنا الشعبية، لكن الواقع بارد، ولايصقع أحدا، إلا بما هو كاتم للصوت، حيث تواصل المعاناة والأزمات التي تكبر وتستفحل، والتي باتت تعطي للحلول الشعبية أفقا في أن تكون (نوعا من الحل)على طريقة كافافيس، والتي ستقودنا حتما إلى  السؤال العرضي الذي يبرز هنا عن حالنا لو لم يفكر البعض بحلول المولدات الكهربائية خلال هذه السنوات الماضية، والذي ادخل مصطلح(السحب) كمصطلح وظيفي مهم جدا في القاموس العراقي المزدحم أساسا بمصطلحات الأزمات. ثمة من يقول إن الكهرباء تعني بالفعل الوجه الحقيقي والإجرائي للحداثة، وان أي شعب لايملك وعيا كهربائيا لايمكنه الدخول إلى الحداثة إطلاقا، وثمة من يقول إن أزمة الكهرباء العراقية صنعها الأمريكان تطبيقا لقول الوزير العتيد جيميس بيكر الذي قال لطارق عزيز بان الحرب عليكم ستعيدكم إلى عصر ما قبل الكهرباء/ وطبعا لم يصدّق هذا المنظّر المؤدلج هذا الكلام الامبريالي، وربما ضحك عليه، لأنه يسمع أن الحروب تخرب المدن وتقطع الجسور والطرقات، ولا تقطع الكهرباء، وان هذه الكهرباء هي محض(وايرات)يمكن مدّها إلى أي مكان، ولاعلاقة للايديولوجيا وحرب العولمة بانقطاع الكهرباء عنا، وهو ما يدفع هذا البعض للقول بان أمريكا مطالبة بإعادتنا إلى عصر الكهرباء، ونكون شاكرين لو عبّرتنا هذا العصر الذي أصبح قوميا وقديما، أو ربما المساعدة في البحث عن حلول حقيقية لأسوأ أزمة يعيشها العراقيون والتي لاتقل خطورة عن الاحتلال نفسه، وعن تداعيات الأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية، لان هذه الكهرباء عالقة بكل شيء، بدءا من الماء البارد والماء الحار، وانتهاء بغواية الفرجة على أحداث العالم التي تركض حولنا.قد لا أدعو للبحث عن مغامرة كهربائية، ولا إلى البحث عن شراء(أطنان من هذه الكهرباء)بأية طريقة كانت، والخضوع بالتالي إلى غواية الصفقات المشبوهة والخردة والفساد الإداري والتقني والمالي وغيرها، لكني أدعو إلى ما يمكن تسميته ب(الفيدرالية الكهربائية) التي تجعل المحافظات أو الأقاليم تبحث عن معالجات واقعية لهذه الأزمة بعيدا عن(كارثة المولدات)التي جعلت البيئة العراقية مصابة بآخر أنواع التلوث والتشوه، حتى قال مرة احد مخرجي الدراما العراقية بأنه لايستطيع أن يخرج مسلسلا عن أحداث تاريخية عراقية قريبة بسبب غابة (الوايرات)في الأزقة البغدادية التي تعيق العمل، ولا يمكن التخلص منها بسهولة. هذه الحلول الموقعية أجدها أكثر واقعية، وحتى الحديث عن تاريخ الكهرباء المركزية أو الاتحادية يمكن التعاطي معه في ضوء الحاجة والكفاية وتفادي الضرر، خاصة أن هذه الكهرباء الاتحادية كانت مصممة بطريقة خبيثة منذ زمن النظام السابق، إذ أن اغلب محطاتها في مناطق أزمات، ومناطق تكثر فيها عمليات الإرهابيين الذين يجدون في التخريب الكهربائي وإسقاط الأبراج أو حرق محطات التوليد لذة مازوكية ما بعدها لذة، وكأن وعيهم (الخربان) يجعل من المقاومة ذات توصيفات كهربائية للتعبير عن موقف كهربائي ضد الاحتلال أو ضد الحكومة الوطنية. إن تجاوز هذه العقدة يحتاج إلى معالجة استثنائية، والى موقف وطني، والى قرار مركزي، خاصة وان لعبة الشدّ والجذب التي يمارسها البعض من البرلمانيين لغرض إصدار أي قرار فيه مصالح متناقضة قد يجعل أزمة الكهرباء واحدة من المناطق المتنازع عليها، بالتالي فإنها ستتحول إلى أزمة مستعصية، لذا أجد فرصة لاستصدار تشريع يتبنى معالجة ما هو طارىء ومنها الدعوة لتشكيل لجنة من الخبراء المعنيين بشؤون الطاقة، وان لا يكون بينهم من البرلمانيين، أي من مرجعيات فنية خالصة، وتخويلهم البحث عن حلول حقيقية وشاملة لهذه الأزمة الكارثة، مع وجود ميزانية توازي حجم هذه الأزمة، لأننا بتنا نخجل من الحديث عن الكهرباء،

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram