TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > محاكمة شيراك

محاكمة شيراك

نشر في: 17 ديسمبر, 2011: 08:07 م

إيمان محسن جاسم حكمت محكمة الجنح في باريس على الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك بالسجن سنتين مع وقف التنفيذ في قضية وظائف مجاملات وهمية منحت لمقربين منه في بلدية باريس في مطلع التسعينات عندما كان رئيسا لها. يبدو الخبر في فرنسا عاديا جداً وفي أوربا كذلك، لكن علينا نحن العرب يجعلنا نتمعن فيه ونعيد قراءة كلماته أكثر من مرة خاصة إذا ما عرفنا بأن الرئيس الفرنسي السابق أدين باختلاس أموال عامة واستغلال السلطة في الشق الأول
 من القضية المتعلق بـ21 وظيفة مولتها بلدية باريس في بداية التسعينات استغلت بتعيين أشخاص في البلدية لكنهم يعملون لصالح الحزب الديغولي، التجمع من أجل الجمهورية أي رواتبهم تمول من بلدية باريس وعملهم في مقرات حزب شيراك . كما أدين بتهمة الاستفادة بطريقة غير شرعية في الشق الثاني من القضية ويتعلق بسبع وظائف مجاملة جرى التحقيق فيها.في أوربا هذه جرائم،لكن لدينا نحن العرب تبدو تافهة وربما البعض يضحك عندما توجه له هكذا تهم وبإمكان أصغر محام أن يخرجه منها هذا إذا وجهت له التهمة على أنه ارتكب جرائم .ومع إن الحكم سنتان مع وقف التنفيذ يعني بأن الرجل لن يدخل السجن ، لكن لا يعني هذا إنه لم يرتكب جريمة، وعندما نتمعن في جرائمه هذه والتي  سُجن لأجلها تتمثل بأن مجموع ما اختلسه المسكين شيراك أثناء توليه زمام أمور بلدية باريس ما يعادل 150 ألف يورو وهو رقم بإمكان أي مدير بلدية في العراق أن يضعه في جيبه الخاص شهرياً وليس على مدار سنوات طويلة دون أن يشكوه أحد أو يجره للمحاكم والفضائح خاصة إن الرجل شغل منصب عمدة باريس من عام 1977 حتى عام 1995 أي بمعدل أقل من ألف يورو سنويا ، وهذا يعني أقل من مئة يورو شهريا  ، وأكثر بقليل من 3 يورو يوميا.والتهمة الثانية هي المجاملة  بالتعيين في الوظائف ، والمجاملة هنا تعد جريمة في القانون الفرنسي ، لكنها لدينا عرف لا بد منه ، شيراك جامل في 30 وظيفة عاملة مولتها بلدية باريس في فترة توليه إياها ، فقط 30 وظيفة ، نجده يقف في المحكمة يحاكم عليها.ما يهمنا هنا كعراقيين هي الدروس التي يمكن أن نخرج بها من هذه المحاكمة التي نحتاج إليها  في العراق ، منها نتعلم بأن لا حصانة لأي مسؤول كان ضد جرائم النزاهة واستغلال المال العام وإهداء الوظائف، ولا تسييس للمحكمة، لم نسمع أحدا من حزب شيراك يصرح بأن هذا تسقيط ، وتهميش وإلى آخر عبارات نظرية المؤامرة التي نجيد استخدامها ، الجميع في فرنسا مع القانون مهما كان المتهم ، ونتعلم أيضا بأن المال العام والوظائف العامة مفتوحة للجميع ، وأيضا نتعلم بأن الدولة فوق الأحزاب والأشخاص.والجانب الثاني بأن هذه الجرائم التي ارتكبها الفرنسي شيراك لا تعد في قواميسنا جرائم لسبب جوهري يتعلق بأن حكامنا العرب لديهم جرائم أكبر مما اقترفه شيراك ، فجرائمهم إبادة جماعية ، ضرب مدن بالأسلحة الكيمياوية ، آلاف المعتقلين والمعدومين ، ملايين الأيتام ، وإلى آخر القائمة، لهذا نستصغر جرائم الفساد ونجدها ( هينة) أمام ما عشناه وتعايشنا معه منذ عقود طويلة مع حكام لا يرحمون حتى الأشجار ، لهذا فإن الفكر الجمعي لدينا الآن مازال يستحضر الماضي ،ونجد في محاكمة رئيس دولة مثل فرنسا عن جريمة تعيين موظفين في البلدية ويستخدمهم في مقرات حزبه بالشيء المضحك وقد نستهزئ به ، وربما بعضنا يشكك في أصل المحكمة وقد ينفيها لأن ما يحصل أكبر من أن نتخيله لأنه لم يحصل في عالمنا العربي من قبل ، بل وجدنا بعض الأشقاء العرب في أثناء محاكمات طاغية العراق المقبور صدام من يقول ( عشنا وشفنا حاكم عربي يُحاكم من وراء القفص) يقولونها بتعجب وذهول وربما استنكار وكأنهم غير مصدقين ، ومع هذا وجدنا من يستكثر علينا إعدام طاغية عن جرائم إبادة للشعب راح ضحيتها آلاف الأبرياء وليس عن جرائم اختلاس أو تعيين مقربين ،فماذا يقولون الآن يا ترى وهم يجدون شيراك يُحكم عليه عن جرائم اختلاس .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram