أليست مفارقة مضحكة ومبكية في آنٍ واحد أن تخرج اغلب الصحف البرازيلية بمانشيتات عريضة تبارك استعادة منتخبها الوطني ثقته بعد نزهة ترويحية قضاها في منتصف ملعب الأسود بمالمو ، دفعت أكثر لاعبيه شهرة " كاكا " للتعبير عن هدفه في مرمى نور صبري بطريقة جنونية بالرغم من ودية المباراة التي أشعرته بعودته للحياة والرقص بهيستيريا مع فرقة السامبا عقب غياب استمر عامين؟!
دعونا نتحدث عقلانياً لا عاطفياً ، أن ملوك الكرة البرازيلية واصدقاء كأس العالم ومصدِّري اعظم الكنوز البشرية لأندية كرة القدم ، لا مجال لديهم للمزاح وإضاعة الوقت فهم يتعاملون بالمنطق والحقائق بجدية حتى مع اضعف الفرق ، يسجلون ويدافعون ويبتهجون ويتألمون بكل صدق لأنهم يمثلون وطن الكرة في العالم ويشعرون في كل مباراة انهم أمناء على تاريخه ، ولذلك ليست مفاجأة ان يعد النقاد في البرازيل ان العراق انقذ المدرب مانو مينيزيس من مقصلة الإقصاء بعد ان تعرض لهجمات شرسة من الجماهير طالبت بطرده عقب النتائج غير المشجعة له في المباريات التجريبية وخشية ان تؤثر على تصنيف المنتخب في لائحة فيفا الشهرية حيث جاء بالمركز 14 لشهر تشرين الأول الحالي أول مرة في تاريخه.
ترى، هل يتعلم بعض المحترفين في منتخبنا من درس مالمو ويسلكون طريقاً جديداً في الدوحة يمنحهم ضوءاً أخضر للاستمرار مع زملائهم ؟ فما أفرزته مواجهة البرازيل من أخطاء فنية وعدم تفاعلهم وانسجامهم بما يخدم المنتخب وانانيتهم المقيتة في محاربة النجوم الشباب تجعلنا من اشد المطالبين برحيلهم حتى في حال تجدد الآمال امام استراليا إذا لم يتعظوا من ذلك الدرس!
يكفي صبراً عمّا يجري للمنتخب من اساءة لسمعته بسبب مزاجية المحترفين وتنصلهم من المسؤولية في إنقاذه من هكذا نتائج محرجة ، وبعد غــد ستكون هناك ملحمة كروية في الدوحة ننتظر منهم الرد بقوة في الملعب لإحياء فرصة التنافس على البطاقة الثانية بعد اليابان ، وربما وضعتهم مباراة مالمو تحت ضغط نفسي شديد إلا إن خبرتهم في اجتياز الأزمة تسعفهم على قلب النتيجة لصالحهم ورد اعتبارهم خاصة إن المنتخب الاسترالي لم يعد يمتلك سطوة حسم المباريات بعد ان زج المدير الفني أوسيك بعناصر جديدة متباينة المستوى أسقطته في متاهة البحث عن تاريخه ولنا في فوز المنتخب الأردني 2-1 معانٍٍ واضحة على إمكانية انتزاع ثلاث نقاط من استراليا ونمضي نحو بقية الجولات باطمئنان أكثر.
سلفاً ، سيحاول مدرب استراليا ان يضع الأسود في كماشة هجومية بلا هوادة لمنعهم في التفكير بتخطي خط المنتصف وبناء الهجمات المرتدة كما عجزوا امام البرازيل ، ولهذا نرى ان المسؤولية الكبرى في جولة الدوحة ستكون على عاتق لاعبي الوسط لعمل محور دفاعي – هجومي في الوقت ذاته لعرقلة مساعي الخصوم ودفعهم باتجاه التمركز بمنطقتهم لئلا يُباغتوا بهدف السبق الذي سيضاعف من محنتهم في التعديل ويمنح لاعبينا زخماً معنوياً هائلاً يحافظ على هدفهم الوحيد ان لم يفلحوا في تسجيل هدفٍ ثانٍ للاطمئنان.
ولا نريد الخوض في أمور إدارية بعيداً عن المشكلة الفنية الحالية لكن من مصلحة الاتحاد اليوم ان يقف بقوة على الأرض ويؤكد رفضه لأي تهاون أو محاولة زرع فتنة بين اللاعبين عقب قرار زيكو سحب لاعبي الخبرة مطلع الشوط الثاني من مباراة البرازيل واعطائهم فرصة أخيرة لمراجعة الأداء المخيب للآمال ، فما قيمة يونس محمود ونشأت اكرم وعلي حسين رحيمة إذا لم يشعرونا بأنهم نجوم المرحلة فعلاً ، متى نحتاجهم إذن ، في دورات الخليج وغرب آسيا وكأس العرب ؟ أبداً لن نقبل بأي تبرير عن بلادة الأداء واستسلامهم الكامل وعقم حلولهم الخجولة في إعادة صحوة الأسود النائمة!
نحن هنا .. الشعار الوحيد الذي نريد سماعه في موقعة الرد الحاسم التي وحدها تعيد انفاسنا المتقطعة وتحيي آمالنا الميتة ، ولا مجال لإضاعة المزيد من الوقت ، فعاصفة التغيير وصلت ملعب الدوحة ولن ترحم المتقاعس أو مَن يتخاذل !