ســـلام خـــياط امتثل لمشورة تنسب للسير ونستون تشرشل، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق حين قال: غبي من يصدق كل ما تكتبه الصحف من أخبار، وأغبى منه ذاك الذي لا يقرأ ما يكتب بين السطور.بهدي تلك الإشارة الدالة قرأت خبر دفع وزارة الثقافة مبلغا قدره خمسة ملايين دولار لرسام فرنسي مغمور، تنفيذا لحكم صادر من محكمة فرنسية! للتعويض عن الضرر الذي حاق بالرسام إثر استعمال لوحة له على غلاف كتاب اسمه (زبيبة والملك).
صدقت الخبر، ثم أنكرته، ثم أزمعت تصديقه بعدما تناقلته أكثر من محطة وصحيفة وموقع.بديهي، حتى لغير القانونيين، أن تشتمل عريضة الدعوى على أسم المدعي وأسم أبيه ولقبه، كذلك الأمر بالنسبة للمدعى عليه، سواء أكان الطرفان بذاتيهما، أم كشخصية معنوية، كمؤسسة أو وزارة او شركة، مع أسماء الوكلاء إن وجدوا. كذلك لا بد من تحقق الضرر، ونوعه ومقداره، شرط الاختصاص المكاني شرط معتبر، والتنبه لمدة أو مدد التقادم هو الآخر شرط لا يفرط في توفره بسهولة -بدون هذي الشروط – وهي غيض من فيض، يلتزم الحاكم برد الدعوى منذ الجلسة الأولى. الثغرات في تعويض المدعي بمثل هذا المبلغ الباهظ، كثيرة، ملتبسة، ومريبة أيضا: كيف تبلغت الوزارة بقرار محكمة فرنسية، رسميا؟ خطيا؟ شفهيا؟ هل دفعت المبلغ – صاغرة – نقدا عدا؟ أم بصك (مصدق). مصدق ممن؟ من تسلمه؟ المشتكي؟ وكيله؟ من توسط له بصرفه؟ كيف أقيمت الدعوى وعلى من، والكتاب خلا من أسم المؤلف او الكاتب الشبح، أو دار النشر والتوزيع؟ ما هو شأن وزارة الثقافة في دعوى كهذي، وهي لم تكن طرفا في النزاع قط، ولماذا ومن قدر هذا المبلغ الجسيم كتعويض لرسم يشبه شخبطة رسام مبتدئ، أو طالب في مرحلة ابتدائية؟ لماذا لم ترفع الدعوى على كاتبها ليستحصل مبلغ التعويض من حر ماله أو من مال الورثة في حالة ثبوت التوريث؟ أين الأدلة الثبوتية من إن الرسام رسم اللوحة قبل أن تصبح غلافا لكتاب، وأين تشبث المدعى عليه - لو وجد- بفقرة الاختصاص المكاني، فهل من المعقول أن تحدث الجريمة أو الجنحة ببغداد او في البصرة، فيجري رفع الدعوى بباريس أو لندن.
السطور الأخيرة :من سيقرع الجرس؟
نشر في: 18 ديسمبر, 2011: 09:44 م