TOP

جريدة المدى > سياسية > هواء في شبك: (اشوه من الشلغم)

هواء في شبك: (اشوه من الشلغم)

نشر في: 2 أكتوبر, 2009: 06:57 م

عبد الله السكوتييحكى ان متصرفا جديدا نقل الى لواء العمارة في العهد العثماني، فسام الفلاحين سوء العذاب وحمّلهم مالاطاقة لهم عليه، بدأ سيرته فيهم بأخذ الرشاوى والمساكين يدفعون مع عوزهم وحصص الاقطاع التي تأتي على جهودهم وتصادر عرقهم، لكن فلاحا واحدا ابى ان يمتثل لهذا الابتزاز ورفض ان يدفع الرشوة ويعطي جهده صاغرا،
وبعد الحاح من الاخرين واخذ ورد وتهديد ووعيد بأن المتصرف بكلمة واحدة يمكنه ان يصادر ارضه ويرميه الى المزبلة ، اقتنع المسكين ان يأخذ شيئا يسيرا لتطييب نفس المتصرف واستقر رأيه على صندوق من (الطماطة) وكان الرجل قد زرع ارضه في ذلك الموسم بالطماطة والشلغم.حمل صندوق الطماطة واتجه به صوب المتصرف مع العلم ان الفلاحين الاخرين قد نصحوا صاحبنا ان يجعل هديته صندوقين (طماطة وآخر شلغم) فابى الرجل الا ان يقدم نوعا واحدا واستقر رأيه على صندوق (الطماطة).وصل الرجل ودخل على المتصرف و بعد دعائه له بالصحة والعافية وضع هديته بين يديه، كشف المتصرف  عما موجود في الصندوق فوجده (طماطة) استغرب من فعل الفلاح ولم تعجبه الهدية فقرر ان يعاقبه،امر بوضعه مستندا الى الجدار وراح يرميه (بالطماطة) واحدة بعد الاخرى والرجل يقفز ويصرخ (اشوه امن الشلغم) حامدا الله وشاكرا انه لم يأت بصندوق الشلغم والا كانت المصيبة اعظم فالشلغم من الصلابة مايجعله  سلاحا ربما يكون فعالا.مشاكسة السياسيين مطلوبة بقدر شعورنا بمباركة المعارك  المستمرة بينهم مستثنية المفخخات والعبوات الناسفة، لتقتصر على السباب والشتائم والتسقيط وهذا بعض الشر (وبعض الشر اهون)، ويبقى الامر على ما ينطوي عليه لايخلو من صحة وعافية.النقاش والجدال وطرح الحجج والآراء حلقات اساسية في اية عملية صنع قرار ديموقراطي، خصوصا مع الحملات المصيرية من الائتلافات التي شهدتها وتشهدها الاشهر المقبلة بعد تجربة اولى اقترنت باخطاء وممارسات كثيرة تتطلب شرعنة للمنافسة السياسية  وعدم استغلال الكراسي للفوز بالكراسي  مرة اخرى.لقد  أفرزت  هذه التجربة اخطاء كبيرة منها ان الحكومة عقدت اتفاقات تتجاوز فترتها الانتخابية حتى وصلت الى (25) عاما وخير شاهد على ذلك (التراخيص النفطية).لاضير ان كانت الحكومة قد وقعت على برنامج اقتصادي او تطويري او مشاريع لخطط خمسية او عشرية، لكن المؤلم في الامر ان البعض راهن منذ بداية السنين الاربع على اربع اخرى مستغلا بذلك تشبث الشعب بثوابت معينة ، ومتخذا من الوضع الامني الغير مستتب والذي تتلاعب به الكثير من المؤثرات حجة في تحقيق النصر والتصدر لدى الشعب الذي هو مادة العملية الديموقراطية.ومع هذه الحمى ، حمى التسلط والالتصاق بالمنصب ، فان الشعب العراقي يمتلك ذهنا مشوشا بعض الشيء، لكنه في النهاية يستطيع ان يفرز الاساليب الملتوية التي ترى  في المراوغة منهجا لجمع الاصوات.ليس من حق أي كان ان يستخدم سلطته ، او بساطة الناس واعتمادهم على الغيبيات للتأثير عليهم بالخطب الرنانة والوعود الزائفة، وليس من حق احد ان يتذرع باية حجة امام جوع الاخرين، نعم تحققت بعض الانجازات ولكنها ليست بمستوى الطموح ما اصاب الشعب بالاحباط، فقد راهنوا على عملية التغيير كثيرا .لتكن المنافسة بعيدة عن شراء الذمم والتسقيط واستخدام الثوابت الاخرى لدى الشعب فهي خالية من العبوات والمفخخات ولكنها ستسقط المتصدرين في شرك المغامرة وربما النقمة، وفي النهاية ومع مايجري فالضرب بالطماطة ليس كالضرب بالشلغم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

أطراف في
سياسية

أطراف في "الإطار" تحذر من تظاهرات وتحركات "البعث".. هل استنسخوا خطة الأسد؟

بغداد/ تميم الحسن على خلاف ما يصرّح به رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، تحذر أطراف في "الإطار التنسيقي" من "مؤامرات داخلية" مدعومة من الخارج، بالتزامن مع التغيرات في سوريا.غالبًا ما تشير هذه التحذيرات، ضمنيًا...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram