□ تحليل سياسي/ ماجد طوفان بينما كان العراقيون يتابعون بفرح يغمره الحذر انسحاب القوات الأميركية من بلادهم بعد تسع سنوات تقريبا كانت حبلى بالعنف الذي ضرب كل مفاصل الحياة ، فجّرت القائمة العراقية مفاجأة من العيار الثقيل تمثلت بتعليق عضويتها في مجلس النواب ، فضلا عن تقديم وزرائها استقالاتهم ووضعها تحت تصرف قادة القائمة
الامر الذي دفع دولة القانون الى تصعيد الموقف لينتهي بإصدار مذكرة بحق طارق الهاشمي كما اشار أكثر من مصدر ، وإذا أردنا ان نعلل سبب هذا التصعيد والتوقيت الذي جاء فيه فإننا سنصل بالمحصلة الى ان الدوافع مجتمعة هي ابتزاز سياسي صارخ وفاقع مارسه كلا الطرفين ، هل كان موقف القائمة العراقية صحيحا ؟ وبالوقت ذاته أين كانت العراقية طيلة هذا الوقت من تصرفات المالكي ؟ وهل تعليق عضويتها حل للازمة ؟ ولماذا جاء موقفها هذا متزامنا مع الانسحاب الأميركي ؟ كل هذه الأسئلة وغيرها تطفو على السطح لتوضح ان حجم الازمة بين القائمتين فاق كل التوقعات ، من جانب آخر فان موقف دولة القانون جاء هو الآخر سريعا ومتشنجا ، وربما يعاب عليه انه جاء عن طريق استخدام الجهاز التنفيذي وزجه في دائرة الصراع ، وهذا مؤشر خطير يكسر مواد دستورية والتي نصت على الفصل بين السلطات ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) ، والمراقب يلاحظ ان الكتل السياسية قطعت شوطا كبيرا في القفز على الدستور ، وأدخلته في مرحلة الموت السريري ، وكانت أحداث اليومين الماضيين تشبه فيلم اكشن اميركي ، اذ ان ايقاع الاحداث مر بشكل سريع ( لكن بلا تشويق ) فمن امر التعليق الى خبر اصدار مذكرة الاعتقال الى طلب رئيس الوزراء سحب الثقة عن نائبه صالح المطلك الذي وصف الاخير بأنه دكتاتور وبأنه أسوأ من صدام حسين ، واثناء كتابة هذه السطور اعلن عن خبرين ، الأول يفيد ان مذكرة الاعتقال تم تأجيلها لمدة يومين بعد وساطة من رئيس البرلمان السابق محمود المشهداني ورئيس التحالف الوطني ابراهيم الجعفري ، والثاني يتحدث عن صدور امر بمنع طارق الهاشمي من السفر !! وهذا المشهد السياسي ( الخرافي ) يؤكد ان العملية السياسية هشة ولا تمتلك اية مرجعية ، وانها تذكرنا بتصرفات صبية مراهقين تتجاذبهم الأهواء ويعتقدون انهم على صواب والعالم كله على خطأ ؟ ! هل يمكن لنا ان نثق بهكذا مشاريع ؟ وهل يمكن ان نبني ( الدولة ) وفق هذه المعطيات النافرة عن اي سياق ؟ وهل ما يحدث في بلدنا يمكن ان نطلق عليه حراكا سياسيا تحكمه اطر اللعبة الديمقراطية ؟ اظن ان احداث اليومين السابقين وما قبلهما تشير بشكل لا لبس فيه اننا نسير نحو الهاوية ، وان مستقبل البلد بات على كف عفريت ! هل العملية السياسية ستعود الى المربع الاول ؟ يبدو ان كل التوقعات ممكنة ، اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان الخلاف وصل الى نهايات مفتوحة يصعب التكهن بمدياتها .وكانت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي قد اعلنت، خلال اجتماع عقدته في،السادس عشر من هذا الشهر عن تعليق عضويتها في مجلس النواب حتى إشعار آخر احتجاجا على "منهجية رئيس الوزراء نوري المالكي" في إدارة البلاد، فيما أكدت أن وزراءها وضعوا استقالاتهم تحت تصرف قيادات القائمة. وتشهد العلاقة بين ائتلافي رئيس العراقية بزعامة إياد علاوي ودولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي توتراً يتفاقم مع مرور الوقت في ظل بقاء نقاط الخلاف بينهما عالقة من دون حل، منها اختيار المرشحين للمناصب الأمنية في الحكومة، وتشكيل مجلس السياسات الإستراتيجية العليا الذي اتفقت الكتل على تأسيسه في لقاء أربيل ولم تتم المصادقة على قانونه حتى الآن، فضلاً عن المواقف المتخذة تجاه عدد من الدول الإقليمية، أبرزها إيران وسوريا.كما تشهد الساحة السياسية في العراق أزمة جديدة تتمثل بمطالبات بعض المحافظات بإقامة أقاليم منها إعلان محافظتي صلاح الدين وديالى إقليماً اقتصادياً وإدارياً احتجاجا على التهميش وإجراءات الاعتقال والاجتثاث، فيما تلوح محافظات الأنبار والبصرة ونينوى بالمطالبة باتخاذ خطوة مماثلة في حال عدم تلبية مطالبها وتوفير الخدمات.
العراقية ودولة القانون .. قمة الابتزاز السياسي

نشر في: 18 ديسمبر, 2011: 10:24 م









