TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > 13 عاماً على رحيل ســعـد الـلـه ونــوس

13 عاماً على رحيل ســعـد الـلـه ونــوس

نشر في: 2 أكتوبر, 2009: 07:00 م

لا يستقيم الحديث عن مسرح عربي معاصر دون الحديث عن أبرز مبدعيه: مسرح محمود دياب في مصر، مسرح الرحابنة في لبنان، ومسرح سعد الله ونوس في سورية. أحدثت مسرحيات سعد الله ونوس صدى واسعاً في الوسط المسرحي والثقافي، وخاصة مسرحية «حفلة سمر من أجل 5 حزيران» 1968 ، و«الملك هو الملك» 1977 وذلك في المرحلة الأولى من انتاجه المسرحي التي تضمنت مسرحيات أخرى:
«حكايا جوقة التماثيل» 1965 «أضيف إليها «مأساة بائع الدبس الفقير» و«فصد الدم» وصدرت عام 1978، «الفيل يا ملك الزمان» و«مغامرة رأس المملوك جابر» 1969، و«سهرة مع أبي خليل القباني» 1973. ‏ الإبداع يحيل على المبدع. وإبداع سعد الله ونوس يكشف بأننا أمام مبدع مثقف، جميل، عميق، وبعيد، كلامه يحكي.. وصمته يحكي!. ‏ صمت سعد الله ونوس مرتين، صمته الكبير طوال عشر سنوات في الثمانينيات من القرن الماضي، وصمته النهائي يوم 15 أيار 1997 بعد أن عاش 56 عاماً «ولد في ضيعة حصين البحر في طرطوس بتاريخ 19 شباط 1941 ودفن فيها».  -ولأن سعد الله ونوس قد رسخ حضوره في المسرح العربي فقد كان غائباً حاضراً خلال صمته الذي استمر 10 سنوات طوال الثمانينيات حتى عام 1990 عندما نشر مسرحية «الاغتصاب» «أخرجها جواد الأسدي» مدشناً المرحلة الثانية من كتابته الإبداعية التي استمرت طوال سنوات مرضه حتى وفاته، فكتب: «منمنمات تاريخية 1994، «طقوس الإشارات والتحولات» 1994 «اخرجتها نضال الأشقر عام 1997، «يوم من زماننا ـ و ـ أحلام شقية» 1995، «ملحمة السراب» 1996، رحلة في مجاهل موت عابر» 1996، وأخيراً «الأيام المخمورة» التي نشرت قبل شهرين من وفاته، ولسعد لله ونوس كتب أخرى في الثقافة والأدب. ‏ يأخذنا الحديث عن كتابة وصمت سعد الله ونوس الى مقاربة مفهوم «الصمت» بأبعاده وحالاته: عندما يقال: «إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب»، أو يقال بأن «الساكت عن الحق شيطان أخرس» فإن ذلك يحمل حقيقة نسبية. هنا نحن إزاء الحكمة والأخلاق. ‏ أما في مجال الفن والإبداع، فللصمت معان ومسارب وحالات وتناقضات، حسب المنحى والرؤية ووضعية المبدع. ‏ في المؤتمر الأول للأدب الفلسطيني في الأرض المحتلة، قال الأديب الراحل اميل حبيبي عبارة ذات دلالة عن الصمت ارتباطاً بالأدب والسياسة: «في الأدب لا يوجد تكتيك، فإما أن تقول الصدق أو تصمت». ‏ وفي إحدى المقابلات، يوضح سعد الله ونوس علاقة الصمت بالأحوال الشخصية للإنسان: «في كل صمت، هناك جانب شخصي، مدى قدرة المرء على ا لتكيف، مدى قدرته على استنباط وسائل تكفل له أن يواصل عطاءه دون تنازلات، أو بأقل قدر من التنازلات، ولكن هناك أيضاً في الصمت جانب موضوعي». ويضيف: «تقريباً، الأسباب التي تدعو الى الصمت، أو تجبر على الصمت أكثر من الأسباب التي تحفز على الكتابة والعمل.. حين يفقد الكاتب الإيمان النسبي بأنه قادر على التغيير، فإنه يفقد الدافع للكتابة»(1). ‏ في إحدى روايات جبرا إبراهيم جبرا، يأخذ الصمت المعنى التالي: «ألا ترى أن الأحداث غدت من الضخامة، بحيث قزمت كل مواهبنا إزاءها؟ فواجعنا ما عادت قابلة للكلمة، سحقت الكلمات كلها»(2). ‏ لكن، لنتأمل هذا المعنى المختلف للصمت في رواية حميدة نعنع «الوطن في العينين»: «كم هو شقي ذلك الإنسان! سيظل يتحدث عن كل هؤلاء ولن يكتب شيئاً.. الكتابة بحاجة الى الصمت»(3). ‏ خلاصة القول، إذا كان الصمت يعني أحياناً الانكفاء والعجز واللاجدوى والاحتجاج السلبي وشكلاً من أشكال الانتحار، فهو يعني في حالات أخرى التأمل، والمراجعة الذاتية، والمخاض، والانفعال بالحياة وإرهاصاتها، والتهيؤ لأعمال جديدة. ‏ سعد الله ونوس مبدع جميل يمتلك ثقافة رحبة وعميقة، ولديه وعي فني وتاريخي رفيع المستوى، وهو إنسان مرهف يمتلك موهبة ا لإصغاء لنبض الحياة، موهبة الفنان الصادق في نقده لذاته وخوض غمار المراجعة الذاتية، سوية مع شجاعة نقده للواقع. ‏ في حوار أجرته د. ماري إلياس مع سعد الله ونوس، يتبين لنا أن هذا الكاتب يمتلك فضيلة النزاهة الأخلاقية للفنان الذي يحترم نفسه، ويمتلك كذلك شجاعة التصريح بأوهامه والابتهاج للتخلص منها. ففي هذا الحوار الذي يقول فيه: «انغسلت من الأوهام»، نقرأ كلمات أكبر من «الاعتراف الذاتي» لفنان بعينه، إنها كلمات تطلق أفكاراً تتصل بمرحلة كاملة مضت. وبحاضر يمور بالهموم والأسئلة، وبمستقبل نتطلع إليه ويتطلع إلينا أملاً وتحدياً، ارتباطاً بحصاد تجربتنا السابقة وجدارة ممارستنا القادمة. ‏ ـ «كان هناك ا عتقاد جازم بأنه يكفي أن نغير السلطة، لكي نغير المجتمع ونحق

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram