TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن :كرامات الجعفري

العمود الثامن :كرامات الجعفري

نشر في: 18 ديسمبر, 2011: 10:30 م

 علي حسين اعجز مثل غيري كثيرين عن إدراك خطب السيد إبراهيم الجعفري وحل لغزها، ربما لا املك ملكة الفهم التي تتيح لي حل احاجي هذه الخطب، وقد أسعدني الحظ قبل أشهر معدودات فحصلت على كتابه "تجربتي في الحكم"، وحين انتهيت من سطوره الأخيرة، حسدت صديقي احمد المهنا الذي قال ذات يوم انه ندم على عدم اقتنائه الكتاب، وأتذكر أن السيد الجعفري أراد أن يخبر قراءه بأن تجربته التي لم تتجاوز السبعة أشهر في الحكم، تم فيها تشكيل أقوى وزارة في تاريخ العراق،
ولم يفته أن يكتب في سيرته التي وضعها على موقعه الالكتروني أن هذه السبعة اشهر تم فيها تحقيق منجزات كبيرة، البدء بوضع المشاريع التنموية والواسعة على صعيد التعليم والصحة، والجيش والشرطة، والنقل والاتصالات، كما أرسى دعائم دولة القانون، وساهم في ترسيخ أسس الدولة العراقية الجديدة، وفات الجعفري ان يخبرنا أن هذه الفترة بالذات اجتاحت فيها البلاد اخطر موجة عنف طائفي، وتعرف الناس للمرة الأولى على مصطلح الجثث مجهولة الهوية، ما ذكرني بكتاب السيد الجعفري خطبته التي ألقاها في البرلمان قبل يومين والتي طالب العراقيين فيها بأن يشكروا نعم الله عليهم لأنه قيض لهم هكذا حكام استطاعوا أن يتجاوزوا مرحلة الانجازات البشرية إلى كرامات ومعجزات الأولياء،  فالعالم اليوم حسب خطبة الجعفري: " يتطلع للعراق الآن، العراق ينجز كرامات إن لم تكن معجزات، إنجاز بعد إنجاز، وكرامة بعد كرامة.. انظروا إلى ملفات الحرب العالمية الثانية، فكوريا واليابان حتى الآن تنوآن مما جرّته الحروب والأمر نفسه في ألمانيا، أليس هذا إنجازاً رائعاً يفخر به العالم كله". طبعا فات السيد الجعفري أن يخبر العراقيين أن أوربا اجمعها تنظر في هذه الساعات بعين العطف إلى اقتصاد ألمانيا المتين كي ينقذها  من أزمة اليورو، وفاته أيضا أن يقول لنا إن في اليابان وكوريا الجنوبية، اعتاد بعض المسؤولين قتل أنفسهم لأنهم لا يستطيعون مواجهة الناس والمجتمع بعد فشلهم في أداء ما هو متوقع منهم، أو انكشافهم في قضايا فساد، وان رئيس وزراء كوريا الجنوبية السابق ألقى بنفسه من أعلى جبل، بعد التحقيق معه في قضايا استغلال نفوذ، ولو طبقنا هذه القاعدة الآن ومن قبلها على حكومة الجعفري لاختفت معظم طبقة المسؤولين عندنا.  ولأننا شعب ناكر للجميل فأنني اقترح على الدكتور الجعفري أن يبادر ويصدر كتابا بالألوان عن كرامات مسؤولينا ومعجزاتهم، وان يكتب بنفسه مقدمة الكتاب يقول فيها للعراقيين بأنهم كانوا غارقين في مستنقعات التخلف حتى أنقذهم الجعفري ومن معه من مصير اسود في منتهى البؤس، وأتمنى عليه وهو يكتب المقدمة أن لا يغادر صغيرة وكبيرة في عصرنا السعيد هذا إلا ويسجلها إنجازا يضاف إلى الانجازات الكبيرة والعملاقة التي نفذت خلال السنوات الماضية والتي جعلت العراق يتجاوز دولاً مثل ألمانيا واليابان. الناس بحاجة إلى كتاب يقدم لهم "العصر العلاوي والزمن الجعفري والعصرين الأول والثاني للمالكي، ولا أدري عن أية معجزات  يتحدث الدكتور، هل هي سرقة أموال الشعب والزواج الحرام بين السلطة والثروة؟ أم هي التزوير والرشوة والعبث بمقدرات الناس واسأله؛ لماذا يرى كرامات لا يراها ثلاثون مليون عراقي؟، سيقول البعض ان الجعفري يتلمس علامات الرفاهية والانجازات في ارتفاع رواتب السادة النواب وركوبهم السيارات المصفحة والفارهة وقضاءهم عطلة الصيف والشتاء في ربوع لندن ودبي، ويبدو أن  الدكتور لا يرى من الشعب إلا من أسعدهم زمانهم وانضموا إلى جوقة السياسيين، وأتصور لو أن مواطنا ألمانيا او يابانيا سمع  خطبته وتعامل معها على أنها حقيقة، فلن يفكر طويلا قبل أن يهاجر زحفاً من طوكيو او برلين  ويتقدم للحصول على الجنسية العراقية والانتقال فورا إلى بغداد أو الديوانية او البصرة أو بابل أو صلاح الدين  لمشاطرة أهلها الرفاهية والنعيم والاستمتاع بمعجزات الحكومة.اللهم أنزل علينا رحمتك وعطفك وأعفنا من مشقة خطب الجعفري.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram