اسم الكتاب: الزوغان اسم المؤلف: ستيفن غرينبلات تــــــــرجمة: عبد الخالق علي إن اكتشاف قصيدة  لوكريتيوس  الموسومة "عن طبيعة الأشياء" التي تعود للقرن الخامس عشر، هو موضوع كتاب "الزوغان" الذي يتربع على قمة الكتب المرشحة لنيل جائزة الكتاب الوطنية.
هناك الكثير من الكتب المرشحة لنيل هذه الجائزة بضمنها كتاب لوكريتيوس، كما أن دبليو نورتن أعاد إصدار ترجمة فرانك كوبلي لهذه القصيدة المدهشة ليتزامن مع كتاب غرينبلات "الزوغان": كيف أصبح العالم عصريا الذي هو أيضا كتاب مدهش عن  هذه القصيدة الكلاسيكية التي كادت أن تضيع وعن سبب انتكاس الحضارة لو  أن  ذلك  قد حصل.فاز هذا الكتاب بالجائزة،حيث تم الإعلان  عن ذلك في مراسيم جرت يوم الأربعاء في نيويورك. انتصر كتاب " الزوغان " على كثير من الكتب التي تتحدث عن شخصيات تاريخية بارزة. موضوع الكتاب واسع إلا أن المؤلف ركز على كتاب لوكريتيوس الرائع وعلى مغامرات بوجيو براسيوليني. كان براسيوليني مبعوثا بابويا من القرن الخامس عشر وصيادا للكتب،  تمكن من إنقاذ قصيدة لوكريتيوس من رفوف احد الأديرة الألمانية، حيث كادت الرطوبة والحشرات تهدد بإتلافها.كانت الأماكن الرئيسية التي يستهدفها  بوجيو وغيره من صيادي الكتب هي مكتبات الأديرة لسبب معقول هو أن هذه الأديرة كانت لقرون طويلة المؤسسات الوحيدة التي تعتني بالكتب. هؤلاء الصيادون كانوا يتعرضون  للضرب من قبل الكهنة إذا ما حاولوا سرقة كتب الأديرة، وغالبا ما كانوا يمارسون التملق ويدفعون قطع الذهب لكسب ود رئيس الرهبان والحصول على إذن لاستنساخ الكتب على جلود الحيوانات.يذكر غرينبلات أن اهتمامهم بالماضي الكلاسيكي كان سببه أبعد من الحصول على المال، فقد كانوا مفتونين جدا بالآثار التي كان جامعوها يدفعون مبالغ خيالية مقابل أشياء قديمة قد تبدو تافهة لأن الناس كانوا يتلهفون للولوج الى عقول الماضي. هذا الإحساس الحضاري المتنامي لم يكن متوقعا وكان مؤشرا لقدوم عصر النهضة.مع ذلك، فبالنسبة إلى بوجيو كان الحصول على المال جزءا من أسباب صيده للكتب. سنوات المناورة التي قضاها كشخص علماني في إدارة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، لم تصل به  إلى شيء، ثم ترقى فأصبح سكرتيرا بابويا للبابا الدجال الفاسد جون الثالث والعشرين الذي تم خلعه عام 1415.لكونه عاطلا عن العمل، فقد تحول بوجيو الى صيد الكتب وبدأ يستعيد الكتب ذات القيمة العالية مثل تلك التي ألفها كوينتليان، الخطيب الروماني البليغ، فأطلق عليه رفاقه لقب" أعظم مستعيد للآثار"، وفي رحلة إلى أحد الأديرة  الألمانية  حصل على قصيدة " عن طبيعة الأشياء " للوكريتيوس. من الطبيعي انه لم يكن يعلم ما بحوزته: كتاب سيساعد بمرور الزمن على كشف عالمه الذي عاش فيه.ينتمي لوكريتيوس – المولود قبل أكثر من ألفي عام – إلى عالم يشبه كثيرا عالمنا الحاضر. قد يبدو ذلك مفاجئا لكن إذا ما القينا نظرة فاحصة الى " عن طبيعة الأشياء " فسوف نكتشف بأنه كان يكتب عن عالم يبدو عصريا. انه يتحدث عن أجزاء دقيقة جدا غير قابلة للانقسام تدعى الذرات (تنفلق الى جزيئات المادة) وعن شيء يبدو كالحامض النووي (كل شيء له مادة واحدة مصممة للإتيان به إلى عالم الوجود). ثم  رأيه التحذيري تجاه الدين: " من المعروف أن الدين كان على الدوام يحفز على الأفعال الدنيئة والرذيلة "، وهذا طبعا معروف لدينا.كما فعل غرينبلات في كتابه " رغبة في العالم " عام 2004 عن شكسبير، فانه يكتب بأسلوب ساحر وقريحة سينمائية  عن الأزمان بقدر ما يكتب عن لوكريتيوس و براسيوايني. انه يعرفنا بالخطاطين الرهبان المتعبين الذين كانوا يقضون ساعات طوال في استنساخ الكتب، ونعرف منه عن جامعي الكتب الشرهين بترارك و نيكولو نيكولي، وعن نفاق ومجون البلاط البابوي، وتعاليم الفيلسوف اليوناني ابقراط الذي يذود لوكريتيوس عنه.منذ زمن بعيد كانت لفظة " ابقراطي" تطلق على الشخص المنغمس بالملذات الدنيوية الحسية، إلا أن ذلك، كما يشير غرينبلات، كان مبالغة وحملة تشنيع مبكرة من قبل المؤلفين المسيحيين الذين كانوا يريدون إبعاد الأنظار عن آراء ابقراط الإلحادية عن الطبيعة، وهي آراء يستطلعها لوكريتيوس في قصيدته.يقول غرينبلات إن ما كان ابقراط ولوكريتيوس يسعيان إليه، لم يكن التحرر من الخالق وإنما التحرر من الخوف، فلقد كانا يعارضان مفهوم الحاكم الجبار الذي يحوم فوق رؤوسنا ويطالبنا بالتضرع والعبادة. كما لم ينكرا وجود آله أو مجموعة آلهة وإنما كانا يؤمنان بان الآلهة: لا تهتم بأفعال البشر بقدر ما تهتم بأنفسها. هذا قد يثير المؤمنين المتصلبين، لكنه كما يشير غرينبلات كان أيضا يشجع الفنانين والمفكرين على التخلص من مخاوف  العذاب الأبدي ويدفعهم للاقتراب من العالم الطبيعي بإحساس متجدد من الدهشة.مع هذا، وبدون مشرف سماوي يراقب مصير كل إنسان  فان لوكريتيوس كان يعرف بأن مصير عمله مجهول. وهذا ه