هاشم العقابي لم اقرأ أو اسمع ان هناك بلدا رحل عنه المحتل ولم تحتفل برحيله الشوارع قبل الناس، إلا في العراق. ثم استنهضت كل ما أملك من قدرة على التذكر، فلم يحضرني بلد نودي على اهله من قبل رئاسة حكومته، وفي يوم رحيل المحتل عنه أن: "يا ايها الناس اكتشفنا نائبين، احدهما لرئيس الجمهورية والآخر لرئيس الوزراء، يقودان عصابات ارهابية لتدميركم وتدميره ورغم هذا نحن مستمرون بحكمكم". حقا أحتاج إلى من يعيرني عقلا آخر يجعلني استوعب ما سمعت.
أنا لا أبرئ ولا أدين ولا أتهم أحدا من أي طرف كان. فهذا أمر يقره اهل الشأن ان كان في العراق شيء اسمه "شأن". لكني سأفترض صحة اتهامات دولة القانون ممثلة بقائدها واتوقف عندها. وهذا الافتراض يعني ان رئيس الوزراء قد اكتشف مؤخرا أن نائبه ونائب رئيس جمهوريته "خائنان". وهنا أسأل: أي بلد هذا الذي يتآمر عليه نائبان لأعلى منصبين فيه ولا تعلن به الحكومة حالة الطوارئ وتفرض منع التجوال وتغلق مطاراته وتسد شوارعه وينقطع البث في اعلامه الرسمي لاعلان البيان رقم واحد؟ وكذلك اسأل: ثم من هو الذي يجب ان يستقيل أو يقال؟ اغلبنا قطعا يتذكر أنه بعد الخسارة التي مني بها العرب في الحرب مع إسرائيل عام 1967 اكتشف جمال عبد الناصر ان هناك بعضا من قادته العسكريين خانوا بلدهم. فما الذي عمله؟ لقد قدم استقالته معتبرا ان الذنب ذنبه لانه اختار أناسا ليسوا أهلا للثقة. لقد جسد في قرار استقالته ما يجب ان يقدِم عليه كل مسؤول يحترم شعبه وبلده ومنصبه أيضا.وفي العراق: ألم يمنح البرلمان الثقة للهاشمي والمطلك في تصويت علني؟ ثم كم مر على المطلك في عمله كنائب للمالكي ولم يكتشفه طيلة تلك المدة؟ وفي الجواب يكمن بيت قصيدي ومربط فرسي.الا يستحق برلمان يمنح ثقته "لقائدين" إرهابيين ان يُحّل ويُحال كل اعضائه للمحاكم الجنائية بتهمة ارتكاب جريمة منح الثقة لمن لا يستحقها؟ورئيس الوزراء الذي لم يكتشف ان نائبه ارهابي الا عند "الحاجة"، اما يجب عليه ان يقدّم استقالته، كما فعل عبد الناصر، قبل ان يطلب اقالة نائبه؟ فمن لا يعرف ان الارهاب يقاد من غرفة بجواره، ويجعل من إرهابي نائبا له، كيف سيحمي بلدا باكمله من الارهاب؟اعتقد، رغم اني لست مختصا قانونيا، بانه آن الاوان ليحال كل اعضاء البرلمان الذين منحوا الثقة للمتهمَين وكذلك من عمل معهما، رؤساء أو مرؤوسين، للمحاكم وفقا للفقرة (2) من المادة (4) إرهاب على أن تتبعه، وعلى الفور، اعادة الانتخابات من جديد كحل جذري لحل مشاكل العراق برمتها. اقول هذا بافتراض ان الاتهامات للنائبين صحيحة ودقيقة. اما ان لم تكن كذلك، فالمصيبة لا يعلم غير الله مدى شدتها وعِظَم بلائها.
سلاما ياعراق :من سيستقيل؟
نشر في: 19 ديسمبر, 2011: 07:33 م