علاء حسن الاحداث الدراماتيكية في المشهد السياسي بعد انسحاب آخر جندى اميركي من العراق ، خلفت تساؤلات كثيرة حول اسباب طلب رئيس الحكومة من البرلمان سحب الثقة عن نائب رئيس الوزراء صالح المطلك ، وما قيل عن صدور مذكرة اعتقال بحق نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ،
وتأخير طائرته مع زميله النائب الثاني خضير الخزاعي قبل التوجه الى السليمانية للقاء الرئيس جلال طالباني ، والتساؤلات اخذت هذه المرة طابع تبادل اتهامات من العيار الثقيل من قبيل، تسليم السلطة لمذهب معين ، واستبعاد آخر، والمالكي استغل الانسحاب لتصفية الخصوم، فضلا عن عودة نشاط الميليشيات وفرق الموت في محافظة ديالى . البعض يدرك بان" جماعة الحكومة" ستعتمد التسويات ، وتنتهي الازمة بوليمة كبيرة ، واصدار بيان يدعو الجميع الى التمسك بالدستور واتفاق ربيل، والابتعاد جهد الامكان عن التصعيد الاعلامي لضمان استقرار الاوضاع السياسية ، والبعض الاخر يرى في اصرار الاطراف على مواقفها سيجعل العراقيين يطلبون من بعثة الامم المتحدة استيراد محتل جديد يلزم النخب السياسية الممثلة للشعب كما تقول، بان تسير على السكة والطريق المعبد بالزفت ، وتبتعد عن الترابي .الوضع السياسي الحالي القى بتداعياته على الاوساط الشعبية ، فبرزت مخاوف من تجدد اعمال العنف الطائفي ، واستغلال الجماعات المسلحة الصراع السياسي لتنفيذ عمليات نوعية ، هي الاخرى ستسهم في تعقيد الازمة ، وهي لاعلاقة لها بالاتهامات من العيار الثقيل ، ولكنها تكمن بالناخبين ، لاختيارهم نخبا سياسية تحت تأثير الميول والتوجهات الطائفية ، فتم تشكيل برلمان للطوائف والمذاهب ، وانتج حكومة لم تعرف عنوانها بعد ، شراكة وطنية ، توافقية ، والدستور هو الآخر اسهم في تكريس غياب العنوان ، وامام التغيير مسافات بعيدة جدا بالاضافة الى وقوف الكتل النيابية الكبيرة ضد اي تعديل يضمن تشكيل حكومة اغلبية سياسية .الوضع الحالي يوحي بان القوات الاميركية كانت صمام امان العملية السياسية ، والمواقف المعلنة للشركاء تكرس هذا الايحاء فأين "يوم الوفاء " من ضمان الاستقرار الامني والسياسي ، وهذا السؤال موجه للجميع والاجابة عليه ، تأتي عن طريق التمسك بالدستور وتعديل مواده الخلافية ، والمهمة تقع على مجلس النواب بكل كتله ، وتعليق القائمة العراقية مشاركة أعضائها في جلسات البرلمان سيفوت عليها فرصة تلبية مطالب قواعدها الشعبية . من المستحسن ان تلتزم الاطراف المشاركة في الحكومة الصمت او التريث في اعلان المواقف النارية، واثبت التريث أنه خير وسيلة لامتصاص الصدمات والانفعالات ونزع "الفتايل " على اختلاف انواعها واصنافها ، فبعد ان جربت القوى السياسية مبدأ التوافق في تسوية الخلافات منذ اكثر من ثماني سنوات ، ولم يحقق نتائج ايجابية ، ربما يكون التريث هو اخر العلاج ، بعد ان يتناول المتخاصمون المزيد من "باكات الكراث على الريك " صباحا وبعد ايام قليلة وبهذا الابتكار الجديد، سيكون التريث هو الخيار المعتمد في التعامل مع الازمات السياسية ، والكراث متوفر في الاسواق المحلية وليس مستوردا من دول الجوار ، وبعد التريث والاتكال على الله نحتفي بيوم الوفاء باحتفالية كبيرة يحضرها جميع القادة السياسيين بلا استثناء ، إلا من يرفض تناول الكراث ويقلل من اهمية التريث في حل المشاكل وحسم الملفات الشائكة .
نص ردن :بالكرّاث نحتوي الأزمة
نشر في: 19 ديسمبر, 2011: 07:39 م