TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المعارضة السورية ومؤتمرها المؤجل

المعارضة السورية ومؤتمرها المؤجل

نشر في: 13 أكتوبر, 2012: 06:54 م

يأتي تأجيل اجتماعات مؤتمر الدوحة الذي كان مقرراً بين 15و 17 الجاري بهدف توحيد وتوسيع المجلس الوطني السوري المعارض ليؤكد عدم القدرة على اتخاذ مواقف موحدة ومحددة من النظام, وليؤكد أن القرار بالنسبة لمستقبل بلاد الشام غير متوفر في الدوحة ومؤتمرها ولا في كواليس المجلس الوطني الذي نعيد التأكيد أن غالبية أعضائه يتنازعون على جلد الدب قبل اصطياده, وأنهم باتوا أسرى فنادقهم المكيفة عديدة النجوم, لايشمون روائح الدم والبارود وهي تغطي سماء المدن السورية’ ولا يسمعون في غمرة الموسيقى الهادئة هدير المدافع وأزيز الطائرات الحربية وهي تطغى على أصوات صباح فخري, لكنهم مع كل ذلك لايجدون حرجا في الزعم بأن المؤتمر تأجل حتى تتمكن القوى والشخصيات المشاركة من الاتفاق على تمثيل عادل للجماعات المختلفة.

إذن هناك خلاف على " التمثيل العادل " وهناك حسبة معقدة تستهدف خلق انطباع بالتوازن بين الإخوان المسلمين والعلمانيين من اليسار والقوميين, وكأن الأمر يجري في شوارع دمشق الهادئة تحت ظلال قاسيون, وحلب الوادعة وهي تنسج على أنوالها الحرير, وحمص المرتخية بدلال على ضفة العاصي, وحماة المنتشية بالطرب على أنين النواعير, ودرعا وهي تنتظر موسم الحصاد, والجزيرة وهي تهدهد رحلة النهر العابر مخلفاً خيره العميم لأهلها وناسها, وكأن الأمر مساومة بين سياسيين ينوون دخول المجلس النيابي في الصالحية لتأكيد القرار الوطني الذي دفع الشرفاء دمهم على بواباته رفضاً للاحتلال الفرنسي وتأكيداً على عروبة بلاد الشام وتقديساً لحرية أبنائها.في أروقة فنادق الدوحة سيمكث أعضاء المؤتمر عشرة أيام, يرجع فيها المؤتمرون إلى مرجعياتهم في العواصم المختلفة, ليتبينوا رأيها في مستقبل وطنهم الذي ينزف الدم على مدار الساعة , وليقرروا كم يكون في اجتماعهم حين ينعقد عدد اللحى وعدد الجدائل, ومن سيحظى بعضوية المجلس التنفيذي واللجنة التنفيذية, وكيف ستنفق الأموال التي تنصب عليهم, ولا أحد منهم يفكر باللاجئين في مخيم الزعتري الأردني الذين يكاد يبتلعهم غبار الصحراء, وتقتلعهم ريحها, ولا باللذين يواجهون الثلج والصقيع في خيام الأتراك, أو اللذين سيطردون من المدارس اللبنانية التي آوتهم, لأن طلبتها سيعودون إلى مقاعد درسهم, ولا بإخوتهم الذين تتقطع بهم السبل في العراق, وباتوا مادة للصراع بين سياسييه, ولا أحد منهم يحسب الخسارات التي لن تعوض في أسواق حلب التاريخية أو في الآثار التي تحكي تاريخ بلاد الشام وقد باتت مفتوحة للنهب والتدمير.

معارضو الخارج يتناوشون على من يكون رئيسهم, وهل يعودون إلى برهان غليون أو يبقون على عبد الباسط سيدا, وهل من الممكن استعادة هيثم المالح إلى صفوفهم, وهم منشغلون عن توحيد صفوفهم, ليكونوا على قدر الأمل الذي رافق تأسيس مجلسهم, بأن يكون بديلاً لنظام البعث, أو نداً له, لكنه لم يكن لا هذا ولا ذاك, واكتفى بالتسلي بقشور الصراعات على المواقع داخل جسد هلامي مترهل, يفكر بأن يحل محل نظام بني على أسس مكنته من الصمود أكثر من أربعين عاماً, وبلغ بهم الصراع حد عدم القدرة على تشكيل حكومة انتقالية في المنفى تمثل كل مكونات الشعب السوري، وتلقى أوسع اعتراف دولي ممكن, وكان الصراع واضحاً ومخجلاً على من سيشغل مقاعد الوزراء فيها. المؤتمرون في الدوحة أمام خيارين لا ثالث لهما, العودة الى وطنهم المحترق للمساهمة في إطفاء النيران التي تأكل حضارته ومستقبله, أو العودة إلى ما كانوا فيه من البحث عن لقمة عيشهم في منافيهم, وترك الأمر لأصحاب القرار على الأرض بدل التشويش عليهم, وفتح ثغرات في صفوفهم لاختراقات خارجية. ليس تنظيم القاعدة أقلها سوءاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram