اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > المدى تفتح ملف.. "العاصمة الأسوأ"..واجهات بغداد.. عمران مشوه!

المدى تفتح ملف.. "العاصمة الأسوأ"..واجهات بغداد.. عمران مشوه!

نشر في: 20 ديسمبر, 2011: 06:39 م

((الحلقة الحادية عشر)) بغداد/ وائل نعمة  عدسة/ أدهم يوسفلو افترضنا مثلاً ... أن عقلك غادر بغداد لتسع سنوات ،وجسدك ظل في مكانه ...غيبوبة طويلة كما نسمع عنها،قد تحدث لبعض الأشخاص في حالات مرضية معينة ...ابتدأت الغيبوبة  بعد أيام من دخول القوات الأميركية والجنسيات الأخرى
المصاحبة لها العاصمة وإسقاطها تمثال صدام الشهير في ساحة الفردوس... وكانت اليقظة في السابع عشر من كانون الأول في هذا العام مع خروج آخر جندي أميركي من الأراضي العراقية إلى الكويت...خلال هذه السنوات مرت البلاد بتغيرات سياسية واقتصادية كبيرة،رؤساء ووزراء وحكومات مختلفة ،وموازنات انفجارية استمدت تسميتها من الواقع المتفجر أمنياً وسياسياً... خرج الرجل من بعد غيبوبته - كما افترضنا -  في أحد الصباحات الباردة التي تأتي لسعاتها من خارج الحدود - كما كل شيء في العراق-  سيارة "الكيا" نفسها لم تتغير...دخان ابيض ما زال ينبعث من كومة نفايات أحرقت من ليلة أمس بالقرب من الجدران الخرسانية المحيطة بسوق بغداد الجديدة ...القاذورات تتبعثر بفوضى عارمة في وسط مياه المجاري ،تغطس فيها أرجل الحمير التي تجر العربات الخشبية، مربوطة بعمود كهرباء صدئ تقطعت أسلاكه ،والصبية – بائعو الأكياس - يتدافعون في ما بينهم ،مازحين بقطع الطماطة التالفة...رجل المرور يسحب رخصة احد سائقي سيارات الأجرة الصفراء، والآخر يترجاه أن يرجعها "أنا صاحب عائلة " ،وبجواره شابان يمسك أحدهما برقبة الآخر، يتشاجران بسبب تجاوز طابور "الكيات " على "الكوسترات " ،ويحاول الناس من حولهم فك الاشتباك...توجد خلفهم بنايات سكنية مرصعة باللون الأسود،الدخان المنبعث من المولدات الجاثمة فوق صدر الشرفات المطلة على أسواق الخضار واللحوم ترمي بسوادها على الجدران،وساكنو تلك الشقق تفننوا في وضع كل أنواع وألوان "الخرق" لصنع سد يمنع دخول عيون الراصدين لما يدور خلف تلك الشقق!rnعندما بدأ البغداديونإعادة البناء لم يكن هناك حكم مركزي للذوق...بدأت تظهر الألوان المختلفة بشكل عفوي غير منظم ، وكانت بنايات حكومية وأهلية تمتزج فيها الألوان الوردية والبرتقالية من دون النظر إلى الشكل النهائي الذي ستخرج به...رسمت على مقرات  الشرطة ألوان زرقاء وبيضاء وبالقرب منها بلاطات خرسانية رمادية كتب عليها عبارات "لا دخل لها بعمل الشرطة" و"لفات" السلك الشائك تتعلق بها أنواع من الأكياس المتطايرة ..يقول محمد سلام ،صاحب معرض لوحات في منطقة الكرادة :" مسؤولون حكوميون يشترون لوحات غير متناسقة ليضعونها في داخل وخارج بنايات حكومية تصل قيمة الواحدة إلى المئة دولار".وعامل في إنارة وتزيينات أمانة بغداد يشير إلى " أن  مصابيح الفلورسنت متعددة الألوان التي تغطي جسور العاصمة تخلق جواً مشابهاً لجزر الهاواي ...وجدران نقاط التفتيش الأمنية رسمت باللون الوردي الساخن لتبعث الأمل"! المصيبة هي أن أمانة بغداد، ومن اجل تزيين المدينة وتوحيد أبنيتها بلون واحد،وقد اختاروا اللون التبني لأبنيتها  والأخضر لنوافذها وطبق الأمر - للأسف - في مناطق قديمة وتراثية  يكمن جمالها في روعة عمرانها وسحر البناء البغدادي القديم، لذا صبغت الشناشيل باللون الأخضر، فأصبحت الواجهات مشوهة تثير الشفقة ، واقل ما يقال عن شكلها إنه صومالي الشكل!rnالعاصمة الكبيرة ودبي بغداد قد نجت من الغزو والاحتلال والحرب الطائفية والانتحاريين- قولوا كما شئتم - لكنها الآن تمر بمرحلة جديدة اسمها فقدان الذوق ... الفنانون العراقيون والمتخصصون في العمارة يرمون كرة اختفاء الذوق في ساحة الفساد وعدم الكفاءة الحكومية،يقول حيدر راضي ،مهندس معماري ،"العراقيون يحاولون إبعاد شبح ماضيهم وحياتهم  القاتمة بألوان صارخة ولكنهم يخشون الانتقاد ...إنهم غير معتادين على وجود حرية في اختيار أي لون تشاء".أحد الكتاب الفرنسيين (Caecilia Pieri)  في مؤلف له عن فنون بغداد ما بين عام 1920-1950، يقول "هذا يحدث لأن العراقيين يريدون التخلص من الماضي... إنهم يرون الألوان كوسيلة للتعبير عن شيء جديد، أن كنت صاحب المبنى ،افعل ما تريد به... ولا توجد لوائح حكومية كما هو الحال في باريس أو روما... إنها فوضى الذوق". على زاوية واحدة ... فإن هناك من يرى بصيص أمل في أن تتحول بغداد إلى مثل دبي الغنية بالنفط ،ويأمل كثير من العراقيين في أن تضاهيها، وأنا أتمنى ذلك. الآن أتذكر بألم ما قاله الشيخ زايد في بداية تأسيس إمارته وهو يقول"سأجعل من دبي تشابه البصرة في جمالها،انه تمنى البصرة ولم يتمن بغداد لأن بغداد سحر لا يمكن الوصول إليه  حينها، ... في أماكن أخرى ، ما زالت  البنايات تبدو صامتة...في الباب الشرقي حيث أزيلت مؤخرا الاسيجة الكونكريتية التي كانت تحيط المنطقة منذ سنوات..."ليتها لم ترفع "،يقول احد المارة أمام فندق قديم في ساحة الأمة ،لم يبق منه غير عبارة - توجد تدفئة وتبريد - : " كان ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram