TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن:طرزان في المنطقة الخضراء

العمود الثامن:طرزان في المنطقة الخضراء

نشر في: 20 ديسمبر, 2011: 11:36 م

 علي حسين مشكلة البعض من سياسينا إنهم يتصورون أننا شعب من الأغبياء والمتخلفين عقليا، وقد قيض لنا في السنوات الأخيرة من يأخذ بأيدينا إلى النور، ويستبد الحماس بالبعض منهم فيتوهم انه قادم من زمان ومكان آخر ليهدي أقواما ضلت طريق الصواب، ولهذا فهو يملأ الصحف والفضائيات، ليقدم كوكتيلا من التصريحات المتناقضة من أول التسبيح بحمد الحكومة ونهاية بخطر المتظاهرين، بالطبع فإن وسائل الإعلام ستلعب دور منصات يطلق منها هؤلاء صواريخهم
 التي تقصف عقول الأبرياء من الناس، بكل أنواع أسلحة التضليل وحرف الحقائق، بأكداس من الخرافات من عينة إن الحكومة كشفت مخطط لمجموعات مسلحة تهدف إلى اغتيال رئيس الوزراء والسيطرة على المنطقة الخضراء، التصريح الذي تطاير من على شاشات الفضائيات هذه الأيام يكشف بالدليل القاطع أن هناك جوانب مضحكة كثيرة في حياتنا، بل وكوميدية، فالمنطقة الخضراء المحصنة بالمدرعات والقاذفات وعشرات الأفواج من الحمايات الخاصة أنقذها القدر وربما الحظ من الوقوع في قبضة مجموعة مسلحة تدربت في إحدى دول الجوار يبلغ قوامها أربعين شخصا -ليس أربعين ألفا– هؤلاء وحسب ما صرح به احد النواب كانت خطتهم تتلخص في أولا اقتحام مكتب رئيس الوزراء وقتله في الحال، ثانيا الدخول إلى مجلس النواب وقتل جميع أعضاء البرلمان ثالثا الانتشار المنطقة الخضراء والسيطرة عليها، رابعا استبدال حكومة المالكي بواحدة أخرى، بالتأكيد هذا السيناريو لو عرضناه على أهم مخرجي أفلام الاكشن في هوليود لأصيبوا بالدهشة والحيرة فمن أين لهم بأربعين من الجبابرة، ثم ان افلام على شاكلة هرقل والجبابرة السبعة وعنترة بن شداد وطرزان أصبحت من الماضي في عصر الطائرة التي تقود الحروب من دون طيار، أتمنى ألا يفهم البعض إنني اعترض على مناقشة خطورة الأفكار الإرهابية والظلامية وتحذير الناس منها واتخاذ الإجراءات التي تخدم مصلحة الوطن واستقراره، ولكنني لم أتصور أن التدليس والضحك على الناس واللعب بمشاعر البسطاء يمكن أن يصل إلى هذا المستوى. السيد النائب صاحب الأربعين طرزان نعتقد ويعتقد معنا ملايين العراقيين أن الخطر الأكبر الذي يواجه البلاد هو الفساد المستشري وغياب الكفاءات والهدر للمال العام، ويضاف إلى ذلك كله عامل آخر ومهم اسمه سياسيو الصدفة الذين يزينون للحكومة أفعالها ويطالبونها بالاستمرار في نهجها إلى أبد الآبدين، هؤلاء تيار آخذ في التزايد ويكتسب كل يوم أرضا جديدة، البعض منهم يمزج الكوميديا بالسياسة، وآخرون حفروا أسماءهم بحروف من نور في سجل التصريحات الغريبة والمثيرة، السيد النائب الناس تدرك جيدا ان الأزمة الحقيقة لا تتعلق بالانقلابات وإنما في غياب سياسيين ومسؤولين لديهم القدرة على مخاطبة عقول الناس وحصد ثقتهم، الناس تريد سياسيين منتجين وفاعلين لا يكون همهم اكتناز الأموال وتحويلها للخارج، سياسيون يعشقون القانون والعدل ويقدسون الحرية، ويناصبون الجهل والفقر والمرض والتخلف العداء، وتكون معركتهم الأساسية هي الديمقراطية والتطور لا الانتهازية والتخلف، سياسيون ملتزمين بقضايا المجتمع قدر التزامهم بالدفاع عن مصالحهم الشخصية ومستقبلهم السياسي، اليوم الكل يتحدث عن الانقلابات فيما غاب الصوت الذي يتحدث عن الفقراء والمقهورين ويستمع لشكواهم، ومات الآلاف في تفجيرات إرهابية من دون أن يظهر للعلن تحقيق جدي يكشف الجناة.. واستشهد العشرات من العمال البسطاء وهم يبحثون عن فرصة للعمل بعد أن طاردهم شبح البطالة، ونحن نسمع كل يوم تصريحات حكومية عن مئات الآلاف من فرص العمل التي لا تجد لها صدى في الواقع، وطالت نسبة الفقر طبقات كثيرة من المجتمع فتحول البعض إلى طبقة معدمة لا تجد ما يسد حاجتها من ضرورات الحياة، فيما ساستنا منشغلون باحتكار المناصب وتقسيم المنافع. يتصورون أنهم أنقذوا البلد من الضياع وأن البلد ستغرق لو تركوها، يحاولون اليوم أن يشعرونا بأننا نعيش موسم حرق الأوراق لإعدام الملفات القديمة، وتزوير التاريخ لتنفيذ أجندات سياسية ولتحقيق مكاسب شخصية على حساب استقرار البلد وحق أبنائه جميعا في العيش في ظل نظام سياسي يكفل لهم حياة كريمة، ولكن هل يعلم أصحاب البيانات العسكرية ومروجو نظرية الانقلابات العسكرية أنهم أصغر وأضعف من أن يحرقوا ضمائر الناس؟ وأنهم اصغر واضعف من تقديم خطاب سياسي يدافع عن مصالح العراقيين.أيها العراقيون.. سوف تشاهدون اكثر من فلم للمرحوم طرزان.. فلا تتعجبوا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

المالية النيابية: كلفة استخراج النفط من كردستان تصل 22 دولاراً

في رد رسمي.. محافظ بغداد يرفض قرار الإحالة إلى التقاعد

الدرجات الخاصة المصوت عليهم في البرلمان اليوم

نص قانون التعديل الأول للموازنة الذي أقره مجلس النواب

بالصور| أسواق الشورجة تستعد لإحياء "ليلة زكريا"

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram