ترجمة: عباس المفرجي مارك كيرمود هو رجل ذو أصول سينمائية على نحو ملائم : اسمه ، ومظهره ، ومكانه في الحياة الثقافية هي بوضوح نتيجة تجربة فاشلة لمسألة نقل كانت فيها جينات فرانك كيرمود ومارك لامار مقرونة من غير قصد . هنا هو ناقد واسع المعرفة مع تقدير سليم للرديء ، ومحافظ محب للشريط السينمائي ويفضل على نحو صريح "على آخر نفس" ، ورجل يبدي بتباه شعره المسرّح والمصفوف عاليا وإلى الخلف ، ومع هذا فهو يتماثل مع طيف ملغد لريتشارد نيكسون .
كتابه هذا هو كتاب أزمة منتصف العمر . لو كان ناقدا سينمائيا لربع قرن ( و (( الأكثر ثقة )) في بريطانيا حسب استطلاع يوغوف عام 2010) ما الفائدة من وجوده عندما يحقق فيلم ( الجنس والمدينة 2 ) نجاحا ساحقا؟أسلوب كيرمود مفرط في الثرثرة . كثيرا ما يردد عبارات مثل : (( اسمع ... )) أو (( هل تريد سماع حجتي ؟ سأخبرك على كل حال . إنها شيء من هذا القبيل ... )) كما أنه يتحدث على نحو غير مترابط إلى حد الملل : تنويه بزاك ايفرون يحّث على استطراد نزق عن مارلون براندو ، الذي ينطوي على قوسين حول (( المخرج الجنوب إفريقي المولد ريتشارد ستانلي )) ، ثم نادرة من ديفيد ثيوليس ، قبل أن يعود إلى ايفرون ، وقبل أن ينطلق ثانية مثل مافريك بعد أن يحدث ضجة داوية بعجلتي طائرته على سطح الباخرة قبل الذهاب للحاق بكوغار في المشهد الافتتاحي من (توب غن ) . كان على محرر الكتاب أن يبصم على كل هذا الهراء . حين تنتهي من الكتاب ، سترى أن لدى كيرمود معرفة غير طبيعية ، وحماسة رهيبة متفردة ، وجهازا كبيرا للكشف عن الهراء وبعض الأمور من المثير للاهتمام جدا قولها . ليست كل تلك الأشياء متفائلة ، إنه يلقي نظرة شاملة على منظر السينما السائدة، فيرى أرضا قاحلة مشتركة كريهة ، تدفع فيها أنت ثمن بطاقة بمقدار عشرين باوناً لمتابعة فيلم رديء ، مصنوع بكلفة عالية ، في مكان للوجبات السريعة ثمنها فاحش .شكواه الأساسية هي هذه : إذا كان من المستحيل تقريبا للأفلام القنابل ، التي نجومها من القائمة الأولى من المشاهير ، خسارة نقود { ويشرح ذلك مع إشارة خاصة إلى أفلام (واترلاند ) ، ( كليوباترا ) ، و ( بوابة الفردوس ) } ، لماذا إذن تكون نفاية ؟ هل هو أمر عسير أن تُعطى سيناريو محترما ، وممثلين ملائمين ، وهلّم جرّا؟أفلام الحدث تلك التي تكون حذرة في إهانة ذكاء جمهورها هي ، كما يقول ، شائعة كاذبة : أفلام الحدث هي فقط للأشخاص الذين يقدرون على تحمّل المجازفة . لو أردت حقا أن تخسر نقودا ، فاصنع فيلما مُموَّلا بشكل مستقل ، وفيلما للآرت هاوز [ دور السينما التي تعرض أفلام الفن فقط ] متوسط الثقافة.لجعل دعواي واضحة ، سوف لا تكون لي النظرة الفوقية التي لكيرمود . أنا لم أشاهد فيلما لمايكل باي لم يعجبني ، رغم أني أعترف بأنني لم أشاهد ( بيرل هاربور ) ، إذ كنت حذرا من مشاهد الفيلم الإعلانية وملصقاته ، وكل النقد الذي كُتب عنه .أنني حتى أُعجبت بفيلم " ترانسفورمرس " . وبرغم أن لكيرمود فكرة قد نقود إلى اكتشاف مهم ، فما كان من الممكن لفيلم " ترانسفورمرس " أن يكون أفضل . يطرح كيرمود نقطة مثيرة للانتباه ، وإن تكن مضايقة قليلا ، وهي رغم انه لا يمكن للمرء الإخفاق في مشهد مسلٍّ ، فإن الفكاهة هي مخاطرة . رمي أموال كافية على مشهد انفجار هيليكوبتر خال من الفكاهة ، سيدفع الجمهور للحضور ؛ لكن كوميديا ضعيفة ربما ستفشل تماما . ذلك قد يُفصِح عن شيء من طبيعة السينما . موجة الثري دي الشائعة حاليا هي ، كما يزعم كيرمود ، شيء مفروض على الجمهور أكثر مما هي مطلوبة منه ، لذلك هي مدانة بالفشل ، كما الحال مع بُدَع الثري دي السابقة . غايتها هي الاتجاه نحو القرصنة ، لا تحسين المنتج ، وميراثها هو أوجاع الرأس ، وشاشات متسخة ، وصرخات رعب ولامبالاة استهلاكية واسعة النطاق . ويتعرض كيرمود باقتدار لأوجه القصور التقنية والفنية فيها .يظهر كيرمود ، أيضا ، عددا لا بأس به من أساطير أخرى . فصل واحد يُفتتح بتقاربات لاذعة بعناوين (( السينما البريطانية ماتت )) حول شطب مجلس الفيلم البريطاني ، بجوار عناوين متزامنة (( السينما البريطانية تولد من جديد )) حول حصاد (خطبة الملك ) لجوائز الأوسكار .كلاهما ، كما يقول ، كانا سماد حصان . جوائز الأوسكار هي فساد مؤسسي لوسائل العرض التجارية الأميركية ، والأفلام ’’ البريطانية ‘‘ التي فازت ، كانت بشكل عام بتوجيه وإنتاج مشترك مع أميركا حول أعضاء الأسرة المالكة ، ورعاية المنتج الأميركي هارفي واينستاين هي في كل حالة تقريبا كانت قضية حاسمة . أمّا مجلس الفيلم البريطاني ، الذي موّل فيلم " الحيوات الجنسية لرجال البطاطا " ، كان الأجدر به أن ينفق ماله على دعم السينمات البريطانية بدلا من ’’ السينما ‘‘ البريطانية . ما تحتاج اليه صناعة السينما ، كموطن خصب للمواهب ، هو ليس أفلام فن جادة مدعمة ، بل ثقافة مزدهرة لاستثمارات سينمائية برأسمال صغير . ثيمة كيرمود ، في كل مكان ، هي أن مشكلة المنتَج الفني ليست التمويل : إنها التوزيع .حول مسألة العلاقة بين الذيل والكلب ــ من منهما يهتز؟ هل تكون الأفلام الرديئة مفروضة على جمهور لا يريدها ، أم هي مطلوبة من قبل جمهور يحصل على الأفلام التي يستحقها ؟ ــ كيرمود يراوغ قليلا . لكن
لماذا تُرَوَّج الأفلام الرديئة؟
نشر في: 21 ديسمبر, 2011: 06:41 م