TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث :بين هافل وكيم جونج ايل

في الحدث :بين هافل وكيم جونج ايل

نشر في: 21 ديسمبر, 2011: 07:41 م

 حازم مبيضين حملت الأنباء خلال الأسبوع الماضي, نبأ وفاة زعيمين عالميين شغلا الدنيا والناس, وإن كان التباين هو الصفة التي تجمع بينهما, فالرئيس التشيكي الاسبق فاتسلاف هافل, مثال على التمسك بمبدأ الديمقراطية في الحكم والحياة, وقد دفع أثماناً باهظة لقناعاته, سجنه الشيوعيون بعد أن جردوا أسرته من كل ثرواتها, ثم قاد الثورة المخملية البيضاء عام 1998 , وأصبح رئيسا للتشيك في عام1993,
وقد قضى أغلب فترة رئاسته في الصراع من أجل روح الإصلاحات الديمقراطية, ضد الخبير الاقتصادي اليميني فاتسلاف كلاوس, الذي خلفه في الرئاسة عام2003, وكان شعبه قد كافأه حين امتلك حريته بتنصيبه رئيساً ظل وفياً لمبادئه, وقد غادر القصر الرئاسي كما يليق بأي مؤمن بتداول السلطة امتثالاً لارادة الشعب, وعاش بقية حياته مواطناً عادياً يحظى بالاحترام والتقدير عند أبناء شعبه, وعند كل من يعرف قصة نضاله من شعوب العالم.أما الرئيس الكوري الذي توفي إثر نوبة قلبية حادة، بعد أن حكم البلاد خليفة لوالده منذ العام 1994, تاركاً البلاد في عهدة ابنه الأصغر, كوريث للزعامة في العائلة الحاكمة منذ تأسيس الدولة الكورية على يد الجد قبل حوالي الستين عاماً, فقد كان متميزاً بأنه شديد الغموض, لم يسمع صوته أحد طوال فترة حكمه, باستثناء أربع كلمات قيل إنه تفوه بها ذات احتفال, ولا يمكن التأكد من صحتها, وظل الرجل وفياً لنزواته في البذخ, في واحدة من أفقر دول العالم, ولعل الشاهد أنه كان المشتري الأكبر لواحد من أغلى أنواع الكونياك الفرنسي, وأنه لخوفه من ركوب الطائرات, بنى شبكة خطوط حديدية خاصة, تقوده وأتباعه إلى قصوره المنتشرة في أنحاء البلاد, والجميل أنه قضى نحبه في واحد من تلك القطارات, وأنه رغبة في الخلود المستحيل, فرض واحداً من أولاده ليكون الرئيس المحبوب والقائد الملهم من بعده.الأول في براغ كان كاتباً مسرحياً ومناضلاً ديمقراطياً, يؤمن بحق الجماهير في اختيار قياداتها وحكامها, طرح رؤيته للعالم من خلال رؤيته لخشبة المسرح التي يجب أن تعبر عن مشاعر الجماهير, وتطرح الحلول لمشكلاتهم, وقد ظل وفياً لما يراه من دور للمثقف حين يتحول إلى المسؤولية, وهو دور ريادي في كل الأحوال, في حين كان الثاني في بيونغ يانغ ينظر إلى الأمر باعتباره مسرحية يؤديها العوام, وتستهدف تمجيد سلطة الزعيم القائد الأب الموجه المستعصي على الخطأ, وهي رؤية يتميز بها كل معتنقي الفكر الدكتاتوري, وهم يعتبرون البلاد مسرحاً لا يصلح إلا لتمجيد بطولاتهم, مع معرفتهم وثقتهم بكذب الممثلين, وعدم قناعة المشاهدين.حين حملت الأنباء خبر وفاة هافل, وكان وحيداً مع زوجته وممرضه, بكى بعض أبناء الشعب التشيكي, لكن الدولة لم تعطل أعمالها, واستمرت الحياة كما يليق بها أن تستمر, وتم الإعلان عن موعد دفن جثمان موظف كبير سابق في الدولة بمراسيم عادية, يمكن أن يحظى بها أي مواطن, أما في كوريا الشمالية فقد توقفت الحياة, وطلعت على الناس مذيعة تتشح بالسواد, وقدمت وصلة من البكاء الهستيري, ولطم المتكاذبون خدودهم في الشوارع أمام كاميرات التلفزيون, في حين كان خليفة القائد يعد الترتيبات لتولي مقاليد الحكم في واحدة من أعتى أنظمة الحكم الشمولية, فيبعد من لا يأتمنه من الحرس القديم, ويستنفر الجيش لمنع أي محاولة لابعاده عن موقع السلطة, حتى لو كان المنافس واحداً من إخوته, لينتهي المشهد بتولي شاب لم يبلغ الثلاثين قيادة دولة نووية, تمتلك خامس أقوى جيوش العالم.شتان بين هافل الإنسان التشيكي العظيم الخالد كواحد من أبطال الديمقراطية, وبين كيم جونج إيل الطاغية الكوري الذي سيحتل صفحة حالكة السواد في تاريخ بلاده والبشرية جمعاء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

المالية النيابية: كلفة استخراج النفط من كردستان تصل 22 دولاراً

في رد رسمي.. محافظ بغداد يرفض قرار الإحالة إلى التقاعد

الدرجات الخاصة المصوت عليهم في البرلمان اليوم

نص قانون التعديل الأول للموازنة الذي أقره مجلس النواب

بالصور| أسواق الشورجة تستعد لإحياء "ليلة زكريا"

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram