TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عثرات أنثى : التحرّش في زمن الحريات

عثرات أنثى : التحرّش في زمن الحريات

نشر في: 21 ديسمبر, 2011: 07:59 م

 ابتهال بليبل وقفتْ أمام جموع من منظمات المجتمع المدني تبكي وتصرخ، بكاؤها هذا كان بسبب تعرضها المتواصل للتحرش الجنسي!... بالضبط، فتاة تعمل في وظيفة حكومية يتحرش بها مسؤولها، وإن حاولت أبداء أي اعتراض، هددها بإنهاء خدماتها المهنية..
ربما الخبر عادي لأننا في كل يوم نسمع عن نساء يتعرضن للتحرش الجنسي... لكن غير العادي هو تهديد المرأة أو الفتاة بطردها من العمل، ما لم تمتثل لرغبات مسؤولها.. أقول إن الأمر خطير، فالمسؤول في العادة نكّن له أعظم احترام ونستقبل كل ما يبدر منه برحابة صدر، وكل سلوك منه ( بالضرورة ) ضمن المجريات المهنية.. وأعود لأتساءل كالعادة: ماذا يريد رجل هذا العصر؟! وماذا بعد يمكن أن يحدث للمرأة ؟! وأين إنسانية هذا النوع من الرجال؟ ولماذا نلومهم على إهمال ارتكبوه بحق طفل يتيم جائع أو معاق أو أرملة قتلها الجوع مذلة، ما دام البعض منهم يساوم امرأة على أن تمنح جسدها مقابل لقمة عيشها..؟! أهكذا يعيش البعض منهم زمن الديمقراطية والحريات، أهكذا، من خلال الاستعداد المؤسف للشهوات تننصر للمرأة؟!، وكأنه ليس على هذا الكوكب وسيلة لإشباع نزوات البعض من الرجال إلا بتحقير المرأة وإذلالها، وبالتالي تحويلها إلى سلعة بالإمكان استبدالها... تصورا معي، البعض همهم الوحيد استبدال امرأة عاملة بغيرها، لفشلها في الاحتفاظ بعملها.. هل وصلت رغبات البعض إلى هذا الانحطاط الإنساني؟ ولكن لمن الشكوى في مجتمع ينحاز للرجل؟! إنني أقترح على البعض أن يجري اختبارا لكل امرأة ترغب في العمل قبل تعيينها، على أن يكون أحد شروطه، تقبل التحرشات الجنسية بأشكالها كافة، وأن يدرج أنواع التحرشات ضمن قائمة، وأن يأخذ تعهداً من قبل المسؤول يضمن حق المرأة بعد توظيفها، خوفاً من نقلها أو طردها، إذا ما وافقت على شروط العمل المقترحة، ونجحت في الاختبار بجدارة، وبذلك تنتهي معاناة أي طرف.. وبهذا الحال البائس، علينا الآن أن نتّهم المرأة العاملة بالجحود لأنها تثير عقدة الرجل ونقاط ضعفه، وهو عادةً يكون على استعداد بأن يطلق النار عليها بسبب تلك العقد، وليس على من يعيثون في هذا البلد إرهابا وقتلاً.. اقترح أيضاً أن يجد المجتمع وسيلة مناسبة، وأكثر حضارية في عبوديته للمرأة، وأن يخرج من القيم الفاسدة التي تروج لمفاهيم القهر والموت سراً.. والأهم من ذلك أن يُحارب (الرجل الفاسد) وهذا بالتأكيد يحتاج إلى تحرير المرأة لا تقييدها.. والطريف، إن المنظمات التي تعنى بالحقوق الإنسانية أبدت صمتها الاستعراضي عن وجود امرأة واحدة لكل عشر نساء يتعرضن للتحرش في العمل، ويجبرهن هذا الأمر على السكوت خوفاً من فقدان العمل، أو يتركهن تحاشياً لبطش المجتمع،  وبهذا يبقى هؤلاء يتباهون بافتقارهم إلى الإنسانية دونما توجيهها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

المالية النيابية: كلفة استخراج النفط من كردستان تصل 22 دولاراً

في رد رسمي.. محافظ بغداد يرفض قرار الإحالة إلى التقاعد

الدرجات الخاصة المصوت عليهم في البرلمان اليوم

نص قانون التعديل الأول للموازنة الذي أقره مجلس النواب

بالصور| أسواق الشورجة تستعد لإحياء "ليلة زكريا"

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram