TOP

جريدة المدى > سينما > (الخبازة) مهنة تسحق المرأة اجتماعيا ومعنوياً

(الخبازة) مهنة تسحق المرأة اجتماعيا ومعنوياً

نشر في: 21 ديسمبر, 2011: 08:03 م

بغداد – المدى لا أحد يتحدث عن ظاهرة العنف ضد النساء، عندما يرتبط هذا العنف وراء الكواليس لما يسمى (بعمل المرأة)، فعلى الرغم من أن الجميع ينادي بحقوق المرأة وحريتها، إلا أنه على ما يبدو يفرض على المرأة العيش في حياة شديدة الصعوبة بتفاصيلها، ويضعها في قفص الحرمان
والاضطهاد مقابل توفير لقمة عيش مناسبة لها ولأطفالها، فبعد أن يصعب على المرأة إيجاد عمل مناسب لها، تدفع بها فاقة الفقر إلى العمل (كخبازة)،  عملاً بقي في كثير من الحالات صورة من صور المعاناة.. مهنة الخبازة تنتشر بكثرة في داخل الأسر العراقية، وباتت تؤرق النساء اللائي يمتهنها، وللاطلاع على واقعها عن قرب، تقول لمياء وتعمل (خبازة) للجيران مقابل توفير ( 3000 ) دينار يوميا، والتي لا تكفي على حد قولها لتوفير احتياجات أسرتها كافة، مشيرة إلى أنها مسؤولة عن إعالة أفراد أسرتها، من ضمنهم خمسة أطفال.   لا تحصل فيه على أجرها وفي أي حال، أن هذه المهنة شكلّت مفصلاً مهماً لمعاناة هذه الشريحة من النساء، التي قد تحتاج نتائجها إلى بلورة فعلية واهتمام من قبل الجهات المسؤولة، حيث اشتكت أغلب العاملات فيها من أنهن يعملن في مهنة تسحق أجسادهن دون إن يكون لهن أي ضمان أو تأمين صحي، إذ تؤكد نوال السعدي، بأن كل حقوقها كامرأة تزاول هذه المهنة لا تتعدى حصولها على أجرها اليومي، فاليوم الذي لا تخبز فيه لا تحصل فيه على أجرها المالي، وحتى ان مرضت أو حصل لها أي ظرف سيء بسبب العمل، وهذا وارد جداً، فلن تجد لها أي ضمان. وسط الفوضى العارمةفي المقابل ترى سعدية حميد أن الأجور المتدنية للكثير من المهن لا تشكل حافزاً كافياً لدفعها إلى التخلي عن مهنتها خبازة، فمعظم ما يتم الحصول عليه لا يكفي لتوفير احتياجاتها، مع ذلك فأنها تجد المسألة معقدة جدا وخاصة عندما تسوء حالتها الصحية.  ويبدو أن تقلبات الحياة وصعوباتها وسط الفوضى العارمة التي اجتاحت البلاد  جعلت من سماح وهي فتاة في العقد الثاني من عمرها، تبحث عن فرصتها في العمل لتعيل والدها الضرير وإخوتها الأربعة كخبازة من أجل توفير لقمة العيش. سماح، تجد نفسها تعاني من صعوبة هذه المهنة التي بسببها أصيبت بمرض ( الربو ) حسبما تقول. مهن غير صحيةوبدورها تتساءل الناشطة في مجال حقوق المرأة نهال راضي قائلة: ما الذي يجعل الفتاة تمتهن هكذا مهنة غير العوز والفقر فهي في قرار نفسها لم تبتغ هكذا عمل ولكنها مجبرة من أجل البقاء، وتعتقد راضي أن هذه المهنة تعتبر خطيرة، فمن دون شك ستستغل الفتاة التي تمتهنها لأمور أخرى، بسبب بؤس الحال، وهنا يأتي دور الجهات المعنية في إيجاد الحلول الجذرية لتلك المعاناة التي تعانيها النساء في مثل هذه المهن. وترى راضي أن هناك الكثير من المهن في بلادنا تمتهنها النساء بسبب الفاقة وقلة الحيلة، وهي بالضرورة مهن غير صحية وتفتقر للكثير من السلامة المهنية، كما تعرض الكثيرات منهن إلى الإصابة بالأمراض. انتهاكا لكرامة المرأة وحريتهاويعيب المراقبون والباحثون الاجتماعيون قضية عمل المرأة في مثل هذا النوع من المهن طبيعة المجتمع العراقي الذي يميل إلى إلقاء عبء المسؤولية في توفير لقمة العيش على كاهل المرأة إلى جانب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تميز واقع المرأة وتؤثر سلباً في سلوكها في هذا المجتمع.. ووجهت الخبيرة في مجال علم النفس الاجتماعي شذى محمود اتهاماتها للمجتمع باستخدام المرأة في واقع مزر لتحصيل الرزق معتبرتها انتهاكا لكرامة المرأة وحريتها، وترى محمود مشهد المرأة وهي تخبز محزناً جداً، ويدل على مدى القهر المعنوي كونها تشعر بالاضطهاد والظلم. وجاء اعتراض الخبيرة محمود على هذا النوع من المهن التي وصفتها ( بالقاتلة) قاتلة لكل معالم الحياة، وترمي محمود باللائمة على الجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدني التي تعنى بقضايا المرأة، مضيفة عليهم أن يعوا مدى المعاناة وهي تحاول توفير لقمة العيش في واقع مأساوي فرض عليها الكثير من القيود منها أن المجتمع لم يسمح لها بالتعليم وبالتالي أن فرصة حصولها على عمل مناسب لها ضعيفة.مهنة (الخبازة) في السابق مختلفةمن جانبها ترى الباحثة الاجتماعية إيمان النداوي أن امتهان المرأة لمثل هذه المهن بدأ بالاتساع بين الأسر الفقيرة، وأوضحت وجود العديد من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والأمنية تقف وراء معاناة هؤلاء النسوة، أما النتيجة فهي الضياع النفسي والاجتماعي، الأمر الذي يجعل هذه النسوة شريحة مهملة يزيدها نسبة الفقر والجهل. وتعتقد النداوي أن مهنة ( الخبازة) في السابق مختلفة، لأن الحياة كانت أسهل بكثير عن حياتنا اليوم، وكانت النساء اللائي يمتهن هذه المهنة لا يواجهن الغلاء الفاحش، ومتطلبات العصر المتعددة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

قتل مفرزة إرهابية بضربة جوية بين حدود صلاح الدين وكركوك

الامم المتحدة: إخراج سكان غزة من أرضهم تطهير عرقي

الطيران العراقي يقصف أهدافا لداعش قرب داقوق في كركوك

"إسرائيل" تستعد لإطلاق سراح عناصر من حزب الله مقابل تحرير مختطفة في العراق

حالة جوية ممطرة في طريقها إلى العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram