□ عن: نيويورك تايمزمع انسحاب آخر القوات الأميركية من العراق سنحصل أخيرا على جواب السؤال الأساسي بشأن هذا البلد: هل كان العراق على النحو الذي كان عليه، لأن صدام كان على النحو الذي كان عليه؟ أو هل كان صدام على ما كان عليه لأن العراق كان على ما كان عليه؟
-مجموعة من الطوائف والعشائر لا تستطيع التعايش مع بعضها إلا تحت قبضة حديدية. الآن سنحصل على الجواب لأن كلتا القبضتين الحديديتين، الداخلية والخارجية (صدام حسين والقوات المسلحة الأميركية) قد رحلتا. سنرى ما إذا كان العراقيون يستطيعون حكم أنفسهم بشكل يستدعي الاحترام ويساعد في تقدم المجتمع –أم إن الأمر سينتهي بقبضة حديدية جديدة. نحن نأمل أن تكون النهاية جيدة إلا أن الدلائل تشير إلى عكس ذلك.كان العراق على الدوام حرب خيارات. ألم يكن بإمكاننا التعاون مع شعب العراق من اجل تغيير المسار السياسي لهذه الدولة المحورية الواقعة في قلب العالم العربي والمساعدة في وضعها هي والمنطقة على المسار الديمقراطي؟ بعد الحادي عشر من أيلول، كانت فكرة المساعدة من اجل تغيير مضمون السياسة العربية ومواجهة الأسباب الجذرية لخلل الدول العربية والإرهاب، تبدو خيارا إستراتيجيا مشروعا، لكن هل كان خيارا حكيما؟ الجواب له شقان "كلا" و "ربما، سوف نرى". أقول "كلا" لأن مهما حدث في العراق فانه سيبقى كما هو حتى لو أصبح مثل سويسرا، للأسف لقد دفعنا ثمنا كبيرا من اجله. دفعنا أرواحا وجرحى وقيما وأموالا بالإضافة إلى ما دفعه العراقيون أيضا. احد أسباب هذه التكاليف الباهظة هو أن المشروع كان صعبا جدا ، و السبب الاخر هو عدم جدارة فريق جورج دبليو بوش في مواصلة الحرب. سبب آخر هو طبيعة العدو، فإيران ودكتاتورية الحكام العرب والقاعدة، كلها لم تكن تريد ديمقراطية في قلب العالم العربي وبذلت جهودها في زرع الخوف والخلافات الطائفية من اجل إفشال مشروع الديمقراطية. إذن فمهما كانت الأسباب الاساسية للحرب، ففي النهاية وصل الأمر إلى هذا السؤال: هل كانت أميركا وحلفاؤها من العراقيين سيدحرون القاعدة وحلفاءها في قلب الوطن العربي أم أن القاعدة هي التي ستدحر أميركا وحلفاءها؟ يعود الفضل إلى حركة الصحوة في العراق والى إدامة الزخم والى أميركا وحلفائها في دحر القاعدة ووضع أساس لأهم نتيجة لحرب العراق وهي: أول عقد اجتماعي طوعي بين مكونات المجتمع حول كيفية مشاركة السلطة و الموارد في بلد عربي، وحكم أنفسهم بأسلوب ديمقراطي. لقد ساعدت أميركا في توليد ذلك العقد في العراق، واليوم تحاول كل الحركات الديمقراطية العربية استنساخ هذا العقد . هذا يقودنا الى الشق الثاني "ربما، سوف نرى". من الممكن ان ندفع أموالا طائلة من اجل شيء مازال انتقاليا. لقد قطف العراق ثماره الإستراتيجية: إسقاط الدكتاتور، ودحر القاعدة مما قلل من قدرتها على مهاجمتنا، وتخويف ليبيا مما اضطر دكتاتورها الى التخلي عن برنامجه النووي، و ولادة الأسواق الحرة في كردستان والصحافة الحرة في العراق. إلا أن العراق سيكون انتقاليا فقط إذا ما أصبح نموذجا لبلد تتعايش فيه كل المكونات وتتشارك السلطة. و كما نرى في سوريا و اليمن و مصر و ليبيا و البحرين، فان هذه القضية هي التي ستقرر مصير كل الصحوات العربية. هل يمكن للعالم العربي أن يطور سياسة تعددية توافقية مع تداول منتظم للسلطة حيث يمكن لأبناء الشعب أن يعيشوا كمواطنين وألا يشعروا بان عشيرتهم أو طائفتهم أو حزبهم إما أن تحكم او أن تموت؟ هذا لن يحدث بين ليلة و ضحاها في العراق، لكن إذا ما حدث بمرور الزمن فسيكون العراق انتقاليا إذ أن ذلك شرط ضروري لكي تتجذر الديمقراطية في تلك المنطقة، وبدونه سيعاني العالم العربي من الغليان لفترة طويلة. أفضل السيناريوهات للعراق هو انه سيكون روسيا ثانية –بلد غير مكتمل، فاسد، جيل جديد يستغرق سنوات طويلة ليتطور. قادة العراق الحاليون هم من بقايا العصر القديم مثل فلاديمير بوتين في روسيا. سيكونون مثقلين دائما بالماضي. الا ان ذلك الجيل ستكون له طريقة تفكير مختلفة ولا ادري ما اذا كان العراق سيفعلها. الاحتمالات تطول، لكن خلق هذه الفرصة يعتبر مسعى مهما، و لا يمكننا الا احترام الأميركان والبريطانيين والعراقيين الذين دفعوا الثمن من اجل ان يتحقق ذلك. ■ ترجمة المدى
واشنطن لم تقدم إلى بغداد خدمة سوى إزاحة صدام

نشر في: 21 ديسمبر, 2011: 08:11 م









