عالية طالبما أكثر المؤتمرات في بلدي، دعوات لا تنتهي تصلنا ذات اليمين واليسار لحضور مؤتمرات صحفية لإعلان بيانات وإنشاء تجمعات وتكوين منظمات وتضخيم قائمة الأحزاب وربما لإصدار تعليمات لذوي الاختصاص من قاصري التخصص، كل هذا نعيشه في عراق اليوم الذي سيدخل موسوعة غينيس في حجم المؤامرات عفوا المؤتمرات التي يقيمها، وما يهمنا هنا هو المؤتمرات الصحفية التي غالبا ما تعقب الأحداث الساخنة والمستجدات السياسية والانفصال والتوافق والانشطار والدمج الذي يعيد تشكيل نفسه كل قليل بمشهدنا السياسي،
مؤتمرات لا تخلو من رائحة المؤامرة التي لا يخفى على احد أنها دائما تسقط على رأس المواطن البريء الذي يقضي يومه منشغلا بفك طلاسم هذه المؤتمرات وما تريد أن تدلقه علينا من مشاكل وليس حلولاً في صالح واقعنا وحاضرنا ومستقبلنا، يبتدئ المؤتمر الصحفي ونبدأ بتسلم حشرجات المسؤول الذي تصطف أمامه مرسلات الفضائيات التي تشبه همنا اليومي بكبر عددها وتعدد مرجعياتها وتمويلاتها وخططها ومناهج خطابها، يقف المسؤول ليقول كلمته الواهية التي بدأت تسبب ضحكا هستيريا للمتلقي البسيط قبل المتخصص وهو يحاول أن يدفع التيار الذي يحاصره إلى زاوية الآخر الذي أطلقه ويجعله زاخرا برائحة الكلام المبيت الذي يشي بحجم المؤامرة التي ترتكب علينا كل يوم، مؤتمرات فضائحية أكثر منها إعلامية وسياسية ، تكال فيها التهم وتنشر فيها الأسرار وتفوح منها الارتباطات الإقليمية والمصالح العازفة على وتر أصبح بليدا من كثر ما اكتشفنا عدم مصداقيته، ألا وهو وتر المواطنة وحب الوطن والتضحية في سبيله. ولا يفوت المتلقي الذي يلفه الهم وعدم تحقق عنصر المفاجأة فيما يسمع لتوقعه المسبق بان الأعم الأشمل لا يتحدث عنه ولا يهمه أمره ولا يدافع عنه ولا يخطط لمصلحته بقدر ما يفتعل صخبا ليبعد عنه تهمة الطعن في ظهر الوطن المتخم بالمطعونين من كل لون. لنوقف مهزلة المؤتمرات الإعلامية للسياسيين، لنقاطع ما يروجون به لأنفسهم، وما يدافعون به عن حقائق إجرامهم، وما يرمون به الآخرين وكأنهم في سباق أجوف لكشف سوءات بعضهم والعياذ بالله ، مؤتمرات باتت تفضح واقعنا المزري ولا نتعظ بعبارة "ان ابتليتم فاستتروا" حتى لا نفقد كرامتنا أمام العالم الذي بات يتلقى منا التصريح والنفي على مدى دقائق وليس ساعات اليوم الواحد، لنترك القانون هو الفيصل في إظهار المسيء والمخزي في مسيرة سياسيي العراق، ولنقاطع مؤامرات المؤتمرات إعلاميا وشعبيا ووطنيا لنحافظ على كرامتنا التي يزايدون على بيعها في سوق نخاسة الممولين المبثوثين في أرجائنا كالطاعون ولا همّ لهم إلا اللعب بالشأن العراقي وتمويل مصالحه التي مزقتنا شر تمزيق وما زالت حبالها ممتدة بانتظار غسيلنا القبيح الذي نعرف جيدا انه ليس بالقليل لكننا نرجئ التصريح علنا نحفظ ماء وجه العراق ممن يحملون جنسيته ويدمرون حامليها بوجوه الإرهاب والتأمر والمكائد والإسقاط والتمزيق اللعين.
وقفة: مؤتمرات أم مؤامرات
نشر في: 21 ديسمبر, 2011: 08:13 م