ميعاد الطائيأصبح من السهولة بمكان أن يدرك المواطن العراقي بأن كل ما يحدث في الساحة العراقية من أزمات وصراعات هو من تداعيات الشراكة التي أوصلتنا إلى المحاصصة الطائفية والسياسية والتي أدت إلى التنازع بين الأطراف السياسية وأمراء الطوائف الأمر الذي يساعد كثيرا على إنتاج الأزمات التي تحول دون أي تقدم حقيقي ،وأصبح المواطن العراقي اليوم يدفع ثمنها , وما تفجيرات يوم الخميس إلا مثال حي على أن المواطن بدا يدفع ثمن الصراعات السياسية دماء زكية وأرواحا بريئة بغض النظر عن توصيفه الديني أو المذهبي أو القومي .
فلا يمكن بأي حال من الأحوال الفصل بين التفجيرات التي تعرضت لها العاصمة بغداد يوم الخميس الماضي وبين المستجدات التي طرأت على المشهد العراقي ونقصد هنا التناحرات السياسية الأخيرة وقضية اتهام طارق الهاشمي وإقالة صالح المطلك إضافة إلى عملية إتمام الانسحاب الأمريكي من العراق. فكل من تابع توقيتات الاعتداءات الإرهابية والأماكن العشوائية التي اختارها المجرمون يكتشف أنها تحمل أجندات سياسية تحاول التأثير على موقف الحكومة وتريد الضغط على إصرار المالكي على محاسبة المتهمين وتحاول أن تجعل هذه التفجيرات ورقة ضغط يقدمها البعض في الحوارات المرتقبة للقوى السياسية التي تريد أن تتفاوض ومعها ورقة التهديد بقتل الشعب العراقي في حال عدم تنفيذ إملاءاتها .وهكذا تستمر الصراعات السياسية التي خلفتها الشراكة السياسية وتتصاعد وتيرتها لتصبح خطرا على أرواح المواطنين الأبرياء بعد أن كانت سببا في تأخير عجلة البناء والتقدم لسنوات طويلة . إلا أن ما يميز الاعتداءات هذه المرة أنها جاءت بعد خروج القوات الأمريكية من العراق أي بعد انتهاء الأعذار والحجج التي كان يتستر بها البعض في الداخل أو في الخارج بمقاومة المحتل ليصبح اللعب على المكشوف وليكتشف الجميع ان من يقف وراء الجرائم التي ترتكب في حق الشعب العراقي طيلة السنوات الماضية لا يريد سوى تحقيق مصالحه ولا يدافع إلا عن وجوده في السلطة بينما يرفع شعارات مزيفة في مقاومة المحتل أو الدفاع عن الطائفة والمذهب والحقيقة انه يدافع عن أطماعه ومصالحه الضيقة والدليل على ذلك انه يستهدف الشعب العراقي بكل طوائفه عبر تفجير الأسواق والمدارس والتجمعات البشرية التي تجمع مختلف مكونات الشعب . واليوم تشرع النوافذ على الكثير من الأسئلة أهمها هل ستنجح الجهة التي تقف وراء هذه الاعتداءات أن تستخدمها كورقة ضغط على الحكومة العراقية لا سيما ان الحكومة وقواتها الأمنية تعيش ضغط إثبات الوجود بعد الانسحاب الأمريكي ؟ وهل سينجح القضاء العراقي في هذه المرحلة الحساسة في إن يثبت استقلاليته ويقوم بواجبه بعيدا عن المساومات والصفقات السياسية التي يقوم بها الفرقاء السياسيون؟ لابد لنا ونحن نجيب على هذه الأسئلة من أن نعترف بان القوى السياسية قد ارتكبت العديد من الخروق الدستورية عبر السنوات الماضية حيث كانت إرادات قادة الكتل بديلا عن القانون وفوق الدستور وهذا أمر غاية في الخطورة وسيكون له تداعيات خطيرة إذا ما تكرر اليوم لأنه سيكون عرفا وظاهرة خرق دائم تذهب بنا بعيدا عن دولة المؤسسات الدستورية وتجعل البلاد تحت رحمة المبادرات والاتفاقات الجانبية والشخصية . لذلك لابد من الفصل بين الصراعات السياسية المستمرة بين قادة الكتل وبين قضية اتهام الهاشمي باعتبارها من مسؤولية القضاء العراقي المستقل وهو وحده يجب أن يبت في القضية التي يجب أن تكون غير خاضعة للمساومات والصفقات السياسية التي مارسها السياسيون عبر السنوات الأخيرة من اجل أن نمنح فرصة للقضاء العراقي أن يثبت للعالم بأنه سلطة مستقلة وان البناء الديمقراطي في العراق نجح في الفصل بين السلطات .والاهم من كل ذلك أن يعرف الجميع أن لا احد فوق القانون وان دماء الشعب العراقي خط احمر على الجميع .
الشراكة وإنتاج الأزمات
نشر في: 23 ديسمبر, 2011: 05:44 م