وديع غزوان اعتدت ومنذ شباط الماضي على التواجد في ساحة التحرير كل جمعة ، دون ان ادعي لنفسي فعلاً يوازي او يقترب حتى من الفعاليات العفوية للنشطاء الشباب بمختلف ميولهم واتجاهاتهم التي كانوا يتخلون عنها تحت نصب الحرية ليتجمعوا على هدف كبير واحد اسمه العراق . ورغم ما اصاب جُمَع التحرير المتأخرة من اختلاف في الهدف والحضور والعنوان وتغيب وجوهها المعروفة لأسباب شتى منها الاستشهاد كحالة هادي المهدي ، أقول رغم كل ذلك لم انقطع عن التواجد في الساحة كل جمعة مهما كانت الظروف فلم يمنعني المرض او قطع الطرق او اي ظرف آخر عن هذا الذي اعتبرته واجباً لا ينبغي النكوص عنه،
حتى صار الجميع من الاهل والاصدقاء يعرفون عني ذلك ، فيسألني البعض منهم عن معنى هذا الاصرار على الحضور خاصة وهم يسمعونني اتحدث بمرارة عن ما آلت اليه الجُمَع ، غير انني اجيب وبقناعة ان ذلك ربما جزء من حالة التشبث بالامل لما نريده للعراق ولنا من ديمقراطية كفيلة اذا ما تحقق جانب منها ان تقربنا من احلام شبابنا وشعارات كنا نرفعها منذ الخمسينات في تظاهرات جمعت طموحات كل العراقيين التي وئدت على يد ساسة واحزاب جعلوا من الملايين من العراقيين البسطاء الصادقين والعاشقين حد الموت للوطن وقوداً لمصالحهم فضاعت المبادئ عند هذا المنعطف وضاعت بعدها الاوطان. نعم قد يكون هذا الامل الذي عدنا نبحث عنه بعد 2003 ونحن نستذكر قوافل الشهداء والمضحين ، امل وخوف من ان يضيع الحلم مرة اخرى فترانا نتلهف لكل فعالية واعية ومسؤولة تريد اعادة العملية السياسية الى مساراتها الصحيحة . ورغم ما قيل من كلام واتهامات عن رموز تظاهرات ساحة التحرير من الشباب في بداياتها ، فان الحقيقة التي لا يمكن طمسها انها لم تكن سياسية ، وكان بالإمكان أن تحقق الكثير لو تم التعامل معها على وفق منطق المبادئ وليس بعقلية المصالح التي طبعت سلوكيات اغلب عناصر اطراف العملية السياسية . كانت جمع التحرير وما زالت ، اذا ما ابتعد البعض من اقحام ازلامه فيها ، نبيلة الاهداف وصافية المقاصد ، وعليه فان الكثير منا يلوذ بما يمكن ان تحققه من تغيير في اطار العملية السياسية ينقذ العراق مما هو فيه . النشطاء من الشباب، وانا لا اعرف الغالبية العظمى منهم لكني كنت اراهم في " التحرير" ، لم يكن لديهم غير هذا الحب للعراق وشعبه وطموحات كبيرة بالاصلاح لكي يتمكن كل عراقي من ان يجد فرصته في الحياة في وطن يمتلك من الثروات ما يمكن ان ينقل شعبه الى مصافّ آخرين لا يملكون القليل مما حباهم الله به ، الشباب لم يحلموا بمنصب ولا موقع ولا جاه ولا سلطة، لذا احببناهم وكنا معهم . اليوم وانا اغادر العراق لمتابعة علاج احد ابنائي ، لا املك الا القول عذراً لجمعة التحرير ولشبابها الصادقين وسيبقى قلبي معكم دائماً ، ومع ما تمثله جمعكم .. عذراً عذراً .
كردستانيات: عذراً يا أهل الجمعة قلبي معكم
نشر في: 23 ديسمبر, 2011: 08:44 م