□ بغداد/ مصطفى حبيب تحريك دعوى ضد نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، وطلب المالكي سحب الثقة من نائبه لشؤون الخدمات صالح المطلك، تؤشر وجود توجه لدى المالكي لإزاحة خصومه السياسيين.الهاشمي والمطلك، وكلاهما نائبان في القائمة العراقية التي يتزعمها إياد علاوي،
طالما انتقدا وبشدة طريقة إدارته الحكومة في تصريحاتهما في وسائل الإعلام. لكن المالكي الذي عاد من واشنطن في زيارة وصفت بالإستراتيجية كونها وضعت أسس العلاقة بين البلدين بعد الانسحاب، بدأ سلسلة تحركات داخلية وخارجية مثيرة، رافقت انسحاب آخر وحدة عسكرية من البلاد نهار الأحد، 18 من كانون الأول الجاري.التحرك لمواجهة الخصوم الذين يتهمونه بضعف حكومته، وعدم استبعاد احتمالات انهيارها، كان الخطوة الأولى للمالكي بعد إعلان إنهاء الوجود الأميركي العسكري في البلاد، حيث قام بسلسلة إجراءات تهدف بحسب سياسيين مقربين من الوسط الحكومي إلى تأكيد قدرته على إدارة شؤون الحكومة والبلاد في معزل عن القوات الأميركية. العلاقة بين المالكي والهاشمي متوترة، والقطيعة تسود بين الاثنين منذ سنوات، وهي تعود إلى تشكيل حكومة المالكي الأولى عام 2006. مواقف عديدة غذت تلك القطيعة لسنوات قبل انفجار الوضع مع مذكرة الاعتقال التي وجهت إلى الهاشمي باعترافات أوردها ثلاثة من أفراد الحماية الشخصية للأخير. توقيت انفجار العلاقة بين المالكي والهاشمي لم يكن موفقا بحسب مراقبين، فتزامنه مع الانسحاب الأميركي من البلاد، قد يولد نوعا من خيبة الأمل لدى الولايات المتحدة الأميركية التي أعلنت عن كامل ثقتها في العراقيين لتحمل مسؤولياتهم دون الحاجة إلى الدعم الأميركي بعد الانسحاب. الهاشمي المُشكك دوما بنزاهة ومهنية قوات الأمن والقضاء العراقي، أبدى استعداده للمثول أمام القضاء في إقليم كردستان المستقل إداريا عن حكومة بغداد، وذلك بعد يوم واحد من صدور مذكرة الاعتقال بحقه. المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب الذي صدرت بموجبها المذكرة تضمنت في سياقها تحديد عقوبة الإعدام لكل من ارتكب بصفته فاعلا أصليا أو شريكا أيا من الأعمال الإرهابية، سواء كان مخططا ام ممولا ام محرضا، أما مذكرة الاعتقال فهي موقعة من أربعة قضاة ونافذة، بحسب علاء دحام الناطق باسم وزارة الداخلية، الذي اعلن الخبر لوسائل الإعلام. الهاشمي وفي حوار اجري معه قبل أيام، انتقد حكومة المالكي بشدة، وقال "انها تصر على الفشل". وقال ايضا ان "سيادة العراق لن تكتمل بالانسحاب الأميركي، وستبقى منقوصة بسبب التدخلات الإيرانية المسكوت عنها من قبل الأحزاب الحاكمة التي تشكل الحكومة"، معتبرا ان هذه التدخلات تمثل "التحدي الأكبر بعد الانسحاب". من جهة ثانية، فان قيام المالكي بتقديم طلب إلى البرلمان بسحب الثقة من نائبه لشؤون الخدمات صالح المطلك، يمثل تصعيدا جديدا للعلاقة المتأزمة بين المالكي وائتلاف "العراقية" الذي ينتمي إليه المطلك. المالكي أورد في طلبه إن السبب يعود إلى الاتهام الذي وجهه المطلك إلى المالكي بأنه "دكتاتور، ويصعب العمل معه". القيادي في كتلة "دولة القانون"، حسين الأسدي، وأحد المقربين من المالكي قال "انه من غير المعقول أن تشارك شخصيات في الحكومة، وتقبل العمل معها، وتوجه اليها انتقادات مستمرة في الوقت ذاته مثلما يفعل المطلك". ويرى أنها "مفارقة غريبة"، حينما يشارك بعض السياسيين في الحكومة ويحصلون على الامتيازات والمناصب، ثم ينتقدون الحكومة ورئيسها بشكل يومي. الأسدي وبلهجة حاسمة، قال "من لا تعجبه الحكومة فليتحول إلى المعارضة، ويفسح المجال أمام الحكومة لتعمل كفريق متكامل لتنفيذ برنامجها وأهدافها، بدلا من أن يكون هناك فريقان في الحكومة احدهما يبني والآخر يهدم". وبعد ساعات من اندلاع أزمة الهاشمي ونائب رئيس الوزراء صالح المطلك وانسحاب "الكتلة العراقية" التي تضم 83 مقعدا ولديها 9 حقائب وزراية في الحكومة، أجرى المالكي اجتماعا مع كتلة "العراقية البيضاء" التي تم تشكيلها في آذار الماضي من مجموعة من النواب المنشقين عن الكتلة العراقية. المتحدثة باسم هذه الكتلة التي تضم عشرة نواب والتي سبق وأعلنت تأييدها لمواقف الحكومة، قالت "إننا الوريث الشرعي لأي فراغ قد يفرضه انسحاب وزراء العراقية من الحكومة". الأزمة الأخيرة أكدت مخاوف بعض الساسة من صعوبة تجاوز الخلافات السياسية في مرحلة ما بعد الانسحاب. تقول عضو الكتلة "العراقية"، النائبة عتاب الدوري "إن العراق بات يواجه أزمة سياسية خطيرة بعد قيام الحكومة بإصدار أمر اعتقال نائب الرئيس طارق الهاشمي". وتضيف "هناك مخاوف تشير إلى إمكانية قيام بعض الجهات الحكومية باستخدام قوات الجيش والشرطة للقضاء على الخصوم السياسيين". الجانب الأميركي لعب دورا حاسما في تخفيف حدة التوتر والخلاف بين القوى السياسية التي استفحلت عقب الانتخابات أثناء صراعها على المناصب والامتيازات، لكن بعد الانسحاب الأميركي تضاءل حجم الدور الأميركي في الضغط على السياسيي
هل يتجه المالكي لإزاحة خصومه السياسيين؟

نشر في: 23 ديسمبر, 2011: 09:08 م









