بغداد / أكرم عزيزوأنت تضع قدمك في شارع باب المعظم الذي يأخذ من سوق الخضراوات إلى أجهزة الموبايلات وأقراص الحاسبات مرورا بالحقائب وأدوات التجميل تستغرب وجود عدد متزايد من المكتبات التي كانت منذ وقت قريب محال لاستنساخ الأوراق والمحاضرات الجامعية ،
تقوم الآن بكل "ممنونية " بإعداد بحوث التخرج للطلبة بشكل كامل دون تعب.انتشار ظاهرة شراء البحوث يرجع إلى محاولة تغطية ضعف المستوى عند الطلاب، كذلك سهولة الحصول على البحث من دون عناء أو مشقة، وقد أكد بعض الأساتذة والمتخصصين أهمية مصادر البحث من الانترنت على أن تكون مصادر تلك المعلومات صحيحة وعدم الاعتماد على المعلومات الخاصة ونقلها من دون إجراء أي تحليل أو تعديل، وقد شددوا على أهمية الأمانة العلمية وأخلاقيات البحث ونسب المعلومات إلى مصادرها الحقيقية، رافضين شراء البحوث لمشاريع التخرج مهما كان التخصص، وقالوا انه من المستحيل أن يعد المشروع غير الطالب نفسه لأن المشاريع تخضع لمناقشة علمية ومتابعة دقيقة ومستمرة من قبل الأساتذة. الطالب الجامعي لؤي عبدالله أكد رفضة التام فكرة شراء البحوث الدراسية تحت أي ظرف حتى ولو كان ذلك من اجل الحصول على أعلى الدرجات، مع أن بعض أصدقائه يستعينون بآخرين لكتابة بحثهم اختصاراً للوقت والجهد، في حين يعمل الطالب على جمع المعلومات الخاصة بالبحث فقط، مشيراً إلى أن الطلاب يفضلون شراء مشاريع التخرج، لأن مادة بحث التخرج تحتاج لتفرغ تام،وهذا سيكون على حساب المواد الأخرى وهو ما أرفضه.فيما تقول الطالبة سمارة حامد ،طالبة في كلية العلوم ،إن ضيق الوقت يقف عائقاً في وجه أغلب الطلبة ، فضغط (المحاضرات والامتحانات ) تجعلهم لا يستطيعون توفير الوقت الكافي للبحث ، فأغلب الطلاب يضطرون إلى عدم حضور الكثير من المحاضرات في سبيل إيجاد مصادر للبحث سواء في مكتبة القسم أو الكلية أو مكتبة الجامعة، وأيضاً هذا الأمر مرتبط بمشكلة أخرى وهي أن الطلاب يواجهون صعوبات في مسألة استعارة الكتب ، فهناك رسائل وأطاريح ماجستير ودكتوراه لا يجوز استعارتها خارج المكتبة ويسمح بالاطلاع عليها داخل حدود المكتبة الأمر الذي يدفعهم إلى كتابة ما يحتاجونه من معلومات وبالتالي فإن هذا الشيء يكلفهم الكثير من الوقت فضلاً عن أن الكثير من الطلبة لا يستطيعون كتابة البحث بسبب انشغالهم بأداء الامتحانات ، فالجميع بدون شك يفضل أن يكون وقته مكرساً للامتحان على استقطاع وقت لكتابة البحث. وفي هذه الحالة يفضل تخصيص وقت أكبر لهذه المادة .ويشير علي محمد طالب في كلية القانون في الجامعة المستنصرية إلى أنه يفضل شراء بحوث جاهزة حتى يتجنب التعب والإرهاق والبحث ،فهذا كله يعد ضغطاً عصبياً للطالب فالبحث عن المصادر تضييع للوقت، لذا فشراء البحث الجاهز أسهل وأوفر في الوقت حتى لو دفعت مبلغا كبيرا وهناك استفادة منه حيث أنني عندما أقتنيه سأطلع عليه وعلى طريقة إعداده وأقرأه لتلافي إحراجي وجهلي بموضوع البحث من قبل أستاذي عند مناقشتي بشأنه.وعن مدى إقبال الطلبة على شراء هذه البحوث أجاب صاحب المكتب: هناك إقبال لا بأس به من قبل الطلبة ولمختلف الدراسات وخاصة طلبة الدراسات الأولية البكالوريوس، ولفت انتباهنا ونحن داخل هذا المكتب وجود شخص يبحث عن بحث جاهز لمرحلة الماجستير.وعن الأسباب التي تدفع الطالب إلى اللجوء لشراء بحث التخرج قال أستاذ في كلية التربية في جامعة بغداد عادل محمد : بعض الطلاب لايريدون أن يبحثوا أو يرهقوا أنفسهم بالإعداد للبحث عن المصادر لأنها حقيقة عملية شاقة، لذلك فهم يلجأون إلى شراء البحث لكي يضمنوا درجة عالية وان ظاهرة البحوث العلمية الجاهزة ظاهرة خطيرة وبحاجة للتأمل، فالطلاب يجدون أن الحصول عليها أمر سهل لكن عواقبها سيئة للغاية حيث تترك تأثيراً كبيراً على مستوى الطلاب وتحصيلهم الدراسي، فهي ظاهرة من اخطر الظواهر التي تواجه مستقبل البحث العلمي والطلاب حيث أنها تدعو الطلاب للغش مما يؤثر عليهم سلبا في سوق العمل ويصبحون غير قادرين على البحث والتفكير الصحيح بالإضافة إلى عدم القدرة على إيجاد الحلول لأي قضية تطرأ على العمل أو في حياته بصفة عامة وبالتالي سيصبح الإنسان تفكيره في حكم المعطل حيث انه يتساهل في خيانة الأمانة التي أوكلت إليه.فيما تقول الطالبة منار احمد المتخرجة قبل عام واحد من علوم الحياة: إن بحث التخرج يعتبر من أهم وأصعب المواد التي يعانيها كل الطلبة دائماً، بسبب المجهود البدني والعقلي المبذول لتحصيل مادة البحث، إضافة إلى التكلفة المادية للبحث التي ترهق كاهل العديد من الطلبة خاصة مع الأوضاع الصعبة التي يعيشها العراق . وأكدت أنها فوجئت عندما اكتشفت أن الجامعة تضع أبحاث الطلبة في أكياس القمامة وكأنها تكلل عناء الطلبة في إنجاز الأبحاث بمعاملتها معاملة النفايات. وأضافت أنها عندما تذهب إلى مكتبة الجامعة للبحث عن بعض أبحاث التخرج التي تخص دراستها تفاجأ بأن مكتبة الجامعة ليس فيها من أبحاث التخرج أكثر من عدد أصابع اليد. ولفتت منار إلى أن الطلبة يواجهون صعوبة أخرى تتمثل في عدم ترتيب الأبحاث في المكتبة رغم عددها القليل،
بحوث التخرّج إلى حاويات القمامة
نشر في: 24 ديسمبر, 2011: 07:19 م