علي حسينفي الازمة الاخيرة التي واجهت العراقيين تسالت اين اختفى نوابنا البواسل؟ لكني وجدت الجواب في تصريح كوميدي اطلقه النائب عبد المهدي الخفاجي، الذي قال ان رئيس الوزراء هو علم دار العراق، مقولة السيد النائب من النوع المحمل برؤوس فكاهية اصابتني بنوبات لا تتوقف من الضحك الهستيرى الذي جعلني اتسائل بين ضحكة واخرى لماذا لا تثق غالبية الناس بمجلس النواب؟
في تقديري المتواضع أنه يمكن رصد مليون سبب وسبب يدفع الناس لكراهية مجلس النواب وعدم الثقة بالعديد من أعضائه، وفى أحسن الأحوال عدم الوقوع في غرامهم. وبالطبع لا يوجد عاقل يقع في غرام هكذا برلمان إلا إذا كان ممن ينطبق عليهم قانون السلامة العقلية الذي سيقره البرلمان يوما ما ليستفيد منه كل من يهتف بحياة الحكومة ومنجزاتها. لعل المواطن يتساءل، ماذا فعل مجلس النواب خلال جلسات التي اثارت من الصخب والضجيج أكثر ما أثاره برلمان دولة مثل الصين؟، هل هي سياساته الناجحة في محاسبة الحكومة على عدم توفيرها مطالب الحياة الكريمة للمواطنين، هل هو الاستقرار الأمني، هل هو الاقتصاد المزدهر، هل هو الإسكان المتاح، هل هي حقوق الإنسان أم الحريات التي تجاوز عليها الجميع؟! لا شيء من هذا على الإطلاق ومن هنا فنحن أمام مجلس نيابي جمع من السلبيات والمساوئ ما يتجاوز كل الحدود.. وأمام سلسلة من الإخفاقات على كل المستويات سياسيا واقتصاديا.اقرأ تصريحات الكثير من نوابنا الذين لا يتوقفون عن إطلاق الجمل النارية حول الأمن والعدالةالاجتماعية، يخدعون الناس بكلام معسول ثم يفاجئونهم بالفشل في أول امتحان حقيقي، سياسيون يطنطنون بكل المصطلحات الوطنية والشعارات الحماسية، نحسبهم اسودا في مواجهة الفساد والتحزب الطائفي، ثم نفاجأ بأنهم ليسوا أكثر من نعامات تخفي رؤوسها في الرمال ولا تخرجها إلا عندما يأمر زعماء الطوائف، يدعون أن حياتهم مكرسة من اجل حقوق الناس، وان النوم يجافي عيونهم حتى تتوقف الانتهاكات وتشرق شمس الحرية والعدالة الاجتماعية، ويزداد سطوع النزاهة والشفافية، ثم نكتشف أن كل ما يهمهم في الحياة هو الحصول على الدولار واليورو والريال والتومان والليرة وحتى اليوان الصيني، يحترفون التنقل من القومية إلى الاشتراكية إلى الرأسمالية قبل أن يستقر بهم الحال منظرين لقوانين الحلال والحرام والعفة والحشمة، يملأون الدنيا صخبا وضجيجا عن المساواة ونبذ الطائفية والمحاصصة السياسية وتجدهم أول المنتهكين للعدالة، يقفون كالمتسولين في باب الطائفية طمعا في منصب ونفوذ، سياسيون يلعبون على كل الحبال، يطلقون غازات ثقيلة من الخطب والشعارات والبيانات التي تملأ فضاء السياسة.الخوف يسكن في بيوت الناس يأكل ويشرب معهم فيما نوابنا البواسل يهيمون في عواصم الدنيا سعيا للتجارة بأرواح العراقيين، الخوف يتسلل يوميا إلى نفوس الناس،، وهم يسمعون أخبار العمليات الإرهابية التي تطاردهم كل يوم، ويزداد خوفهم وهم يتابعون صراع الساسة وخصوماتهم ويشعرون بالأسى وهم ينظرون إلى المحبة التي غابت، والطائفية التي تغلبت على مصالح الوطن والمواطن..الناس تعيش حالة من الاحتقان الدائم، من الكراهية للعملية السياسية، من الإحساس بالظلم، أصابع تشعل نار الفتنة الطائفية، والتحريض على العنف الذي وصل إلى أقصاه، والناس حائرة بين أن تصدق وعود السياسيين أم تضحك من تصريحات النواب، الإنسان لم تعد له قيمة، كل شيء قابل للاشتعال،، والحكومة تصرف من ميزانية الدولة على مشاريعها الخاصة، والاستثمار مشبوه، ولا أحد يعرف أين تذهب المليارات، ولماذا يعيش الملايين من الناس تحت خط الفقر؟ الصمت أصبح شعار المرحلة، الوطن "يكره بعضه بعضاً" لذا لا بد لنا جميعاً ان نرفع شعار لا مكان: لنائب لا يقبل الاختلاف مع رأيه وفكره.لنائب يعتقد بأنه دائماً على صواب وغيره على خطأ، لنائب يتخيل أنه وحده صاحب الحقيقة المطلقة، لنائب لا ينصت لمن حوله، لنائب يرفض التنوع الديني والفكري والسياسي، لنائب لا يهتم سوى بمنفعته الشخصية، لنائب يريد أن يحول العراق إلى مسلسل تركي.. فالناس بحاجة إلى سياسي مثل مانديلا لا إلى علم دار يسرق مستقبلهم وأحلامهم.
العامود الثامن: علم دار في مجلس النواب
نشر في: 24 ديسمبر, 2011: 09:56 م