محمود النمر التقصي والبحث عن تاريخ أمم وشعوب ، ربما يكون صعبا أو شبه مغمور ، ونجهله نحن بحكم السياسات التي تقصي الآخر ،فتكون هذه المهمة محفوفة بالصعوبات المتزمتة التي يواجهها الباحث عمّا هو خلف الضباب أو خلف ما هو مسكوت عنه ، طالب الخفاجي ركب هذه الموجة وأبحر في السفر والتاريخ .
*ما هي مشاريعك في الآداب والبحوث ؟ - بعد إحالتي إلى التقاعد أنجزت ثلاثة كتب؛ الكتاب الأول: عن أدب اليهود وثقافتهم وتحديدا – أدب يهود العراق – والكتاب الثاني: عن قبيلتي - خفاجة - والكتاب الثالث: أكملته وهو صالح للنشر اسمه (الأسطورة والخرافة) ومازلت أبحث عن ناشر له ، يتناول هذا الكتاب مسألة أساسية هي معنى (الأسطورة) ربما يجدي أن نتكلم الآن عن معنى الأسطورة ، فمنهم من يرى الأسطورة هي الخرافة ، ولكن تنبه الأدباء، وخاصة الأديب العظيم الشاعر الأميركي – ت – س – اليوت – وهو أول من شق الطريق أمام الأدباء والشعراء عن مفهوم الأسطورة ،فهي يمكن أن نستوحي منها أمورا كثيرة، وهي موثقة في آداب الشعوب التي غالبا ما تتميز بها في الإرث الحضاري للأمم ، هذا بالنسبة للأسطورة، أما (الخرافة) فهناك فرق ما بينها وبين الأسطورة. * وما هو الفرق بين الأسطورة والخرافة؟ - الخرافة غالبا ما تأتي أدبا شفاهيا متوارثا، وهذا ما يجعلنا نعتمد هذا التحليل الدلالي بين الأسطورة والخرافة ، وكلتاهما من نسج الخيال، لكن الأسطورة دخلت في تاريخ الشعوب، إذ إنك نادرا ما تجد شعوبا من دون ارتباطها بالأسطورة ، وهي ارث حضارات مرتبط بشعوب العالم لتعبر عن طموحاته ، وتحديد وجود وحيوات أمم تركت ملاحم ذات مآثر مازالت مقروءة وتمثل فكرا وعقائد وخيالات لا يمكن أن تندثر على مر الأيام .* كيف تعرفت على الأدب العبري؟- في عام 1994 أكملت دراستي في الجامعة وحصلت على زمالة إلى بريطانيا لدراسة اللغة العبرية، وكانت لغتي الانكليزية متواضعة وهناك أتقنتها بشكل جيد جدا ،إضافة الى دراستي اللغة العبرية والأدب العبري ، وعندما عدت الى العراق ذهبت الى ناحية (العزير) مباشرة في محافظة ميسان ،حيث هناك مرقد نبي الله (العزير) ودرست النقوش الموجودة على الجدران المكتوبة باللغة العبرية، وكذلك ذهبت الى ناحية (الكفل) في محافظة النجف الأشرف ، وزرت مقام النبي (ذو الكفل) الذي توجد فيه الكثير من الآثار العبرية والنقوش الدينية وهي مقروءة من قبل الآثاريين الذين سبقوني في البحوث والتنقيب وقدمت الكثير من الدراسات الى كلية اللغات . الأدب العبري يمتلك قدرة كبيرة في تاريخ الأمم ،حيث هناك الكثير من أدباء أوروبا جاؤوا إلى (إسرائيل) وقبلهم أيضا مجموعات يهودية دخلت الى إسرائيل ، ومثلما جرى في العراق حول الأدب الحديث والحداثة التي لها جذور في الأدب العبري ، وعندهم عدد من الشعراء الكبار لهم وزن، وعندما مرت مرحلة العشرينات من القرن الماضي الى نهايته ظهر شاعر عبراني اسمه (كوهين) وهو شاعر متميز، ومن الشعراء أيضا (اودبيد فريشمن) فهو إضافة إلى ذلك انه قاص وروائي ،وقد حصل على جائزة نوبل مناصفة، وكذلك عزرا باوند ، وهم يتميزون بقيمة عالية في الأدب العالمي ، وقبل حوالي شهرين كتبت مقالة عن أدباء اللغة العبرية والهيمنة على الأدب الأميركي ،وقد مرت مرحلة امتلكوا مقود النقد في الأدب والشعر وحتى الفلسفة بصورة خاصة ،وكان تأثيرهم بالعالم أكبر بكثير من التأثير بهم .
د . طالب مهدي الخفاجي : ما يزال يشغلني أدب الأسطورة والخرافة
نشر في: 25 ديسمبر, 2011: 07:29 م