□ موسكو/ رويترزمنذ تنحيه عن المسرح السياسي كآخر رئيس سوفياتي عام 1991، التزم ميخائيل غورباتشوف الصمت إزاء الكرملين وسادته. لكنه خرج عن هذا الصمت في مطالع الشهر الحالي لينتقد العملية الانتخابية الأخيرة... ثم أدهش المراقبين أمس بهجوم عنيف على فلاديمير بوتين قائلا إن تصرفاته «مخجلة».
و بعد انتقادات أطلقها سابقا بقدر من الاستحياء في أعقاب إعلان نتائج الانتخابات التشريعية الروسية الأخيرة، صب الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف جام غضبه على رئيس الوزراء فلاديمير بوتين شخصيا وقال صراحة إن سلوكه السياسي مثير للإحراج والخجل.ويبدو أن آخر الرؤساء السوفيات (80 عاما) اضطر للتخلي عن تحاشيه المعهود للخوض في وحل السياسة الروسية بعدما أظهر بوتين تجاهلا تاما للتظاهرات الضخمة التي انتظمت في موسكو وبقية المدن الروسية. وقد اندلعت هذه التظاهرات احتجاجا على ما قيل من تزوير واسع النطاق للانتخابات بحيث تمتع حزب بوتين الحاكم «روسيا المتحدة» بأغلبية مقاعد البرلمان.ووصل الأمر بغورباتشوف إلى حد أدهش المراقبين. فقد قال إنه يشعر بالحرج والخجل البالغين بعدما شبّه بوتين نفسه الشرائط التي يرتديها المتظاهرون بالعازلات الجنسية «الكوندوم». ونقلت صحيفة «نوفايا غازيتا» الروسية عن الرئيس السابق قوله: «أشعر بأن علي التصريح بما يجيش داخل صدري لأنني شخصيا وقفت وراء بوتين بعد تسلمه السلطة، سواء داخل روسيا أو خارجها. ولكن انظروا إليه الآن.. يا للخجل»! ويذكر أن غورباتشوف يملك حصة في هذه الصحيفة المعتبرة «ليبرالية» بالمقاييس الروسية.ولم يسلم الرئيس ديمتري مدفيديف نفسه من انتقادات غورباتشوف. فقال إن صمته أولا ثم ردة فعله الخجولة إزاء الاتهامات بتزوير سافر في الانتخابات لصالح حزب بوتين «أضعفا موقفه وأضرّا كثيرا بطموحاته السياسية لأنهما نالا من مصداقيته، "أعتقد أن تصريحه بأنه لا يرى تجاوزات تذكر في العملية الانتخابية الأخيرة ونتائجها بدأت تسدل ستار الختام على حياته كسياسي يمكن ان يخدم بلاده بالنزاهة المطلوبة». وكان غورباتشوف قد حذر في مطلع الشهر الحالي كلا من بوتين ومدفيديف من أن التململ الشعبي الذي تبدَّى في مختلف مظاهر الاحتجاج بعد إعلان النتيجة «لن يخمد سريعا كما يتمنيان. على العكس، سيظل هذا التململ متصاعدا إلى حين اعترافهما بأن ما فعلاه كان تزويرا وإصدارهما الأمر بإعادة إجراء اقتراع نزيه».ورغم أن مدفيديف وعد شعبه بطائفة واسعة من الإصلاحات العميقة التي قال إنها ستفتح النظام الانتخابي الروسي أمام رياح التمثيل الديمقراطي الحقيقي، فمن الواضح أنه - في أفضل الأحوال - ضعيف في وجه القوى المعارضة لهذا التوجه... وهذا إذا كان يعني فعلا ما يقول. وكان قد صرّح أيضا بالتحقيق في نتيجة الانتخابات الأخيرة ووعد بإعادتها في حال ثبت أنها تعرضت لتزوير. لكن الجهات المسيطرة فعليا على الكرملين أجهضت في ما يبدو هذا التحرك حتى قبل بدئه. ويقول محللون سياسيون إن الأرجح لتصريحات غورباتشوف أن تضاعف ثقل الضغوط التي يتعرض لها الكرملين منذ إعلان النتيجة التي منحت حزب بوتين «روسيا المتحدة» 238 مقعدا (من مجموع 450) في برلمان «الدوما». ورغم أن شعبية الحزب انخفضت من 64 في المئة في الانتخابات السابقة إلى 49.5 في المئة في هذه الأخيرة، فقد ساد على نطاق واسع انطباع بأن الكرملين فعل بالتزوير أقصى المستطاع لمنحه الأغلبية البرلمانية.يذكر أن غورباتشوف (80 عاما) ترأس الاتحاد السوفياتي منذ 1985 وحتى انهياره في 1991. وكانت سياسة الانفتاح التي انتهجها من أكبر العوامل المساعدة على نشوء ذلك الوضع الذي طوى صفحة مهمة في تاريخ العالم.
غورباتشوف يهاجم بوتين ويقول إن تصرّفاته مدعاة للخجل
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 25 ديسمبر, 2011: 08:14 م