قيس قاسم العجرش وقف المستشار الألماني السابق غيرهارد شرويدر بين القادة الأوروبيين على شاطئ نورمندي الفرنسي في ذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية مطلوباً منه أن يلقي بكلمة، الموقف صعب فشرويدر بعد كل الموضوعية والتسامي الذي يشعر به زملائه قادة الدول التي كانت "معادية"بالأمس، يبقى هو رأس الدولة التي استباحت أوروبا وعاثت بها تقتيلاً، لكنه فطنٌ إلى درجة فسّر فيها كل شيء بجملة تنضبط مع الحال العراقي أيضاً.
شرويدر قال إن ما مرت به ألمانيا في العصر الهتلري يثبت أن أعظم الأمم يمكن أن تتعرض للسرقة أيضا ! أراد أن يقول أن تاريخ ألمانيا وتشبّع شعبها بالحضارة لم يمنع انتهازيا مثل هتلر أن يسطو على كل رصيدها الأخلاقي في الحضارة الإنسانية ويوظفه بالطريقة الكارثية البشعة التي انتهت إليها الحرب العالمية الثانية.عظمة الأمم يجب ان تترافق مع إدراك عالي الجودة بأنها يمكن أن تـُسرق في وضح النهار وبكل الوسائل حتى وإن كانت تنتهج الديمقراطية،فلنتذكر أن حزب هتلر لم يأت الى السلطة عبر انقلاب إنما عبر آلية ديمقراطية انتخابية .يمكن لمعتوه مثل هتلر ، أن يسرق أمة كبيرة منتجة زاخرة بالعلماء و الأدباء مثل ألمانيا . و ما يميز هؤلاء المعتوهين أنهم يمتلكون الأدوات النفسية ،ولا نقول الفكرية ، التي تمكنهم من استتباع بضعة آلاف من الصف الأخير للمرضى النفسيين ،هؤلاء الذين لا يمكن تمييزهم عن الأسوياء في الحياة العامة لكنهم يمكن أن يسرقوا محفظة رجل ميت مثلاً إذا صادف أن شاهدوا حادث سير في طريقهم ، أو أن يبتزّوا أقرب الناس إليهم ، أو أن يشتركوا في جريمة قتل جماعية ضمن شجار في الشارع . هذه الآلاف الموجودة تحت الطلب ، هي كل ما يحتاجه هذا الشخص لكي يسرق أمة .الأمثلة ربما تتوالى في العصر الحديث ، في الجزائر وصلت جبهة الإنقاذ الإسلامية الى الفوز بالانتخابات البرلمانية إلا أن العسكر فضلوا أن يدخلوا الجزائريين كلهم في مذبحة قبل أن يشاهدوا أنفسهم وعوائلهم يذبحون على أيدي الإسلاميين، هكذا على الأقل اعتقدوا أو ظن غلبهم .وربما يكون نفس الشيء حصل مع حماس الفلسطينية .درسنا العراقي من هذه أن من المهم أن يكون لنا من الديمقراطية كل حيثياتها لا صناديقها فقط.لسنا في سوق للخضار كي نتاجر بالصناديق في وقت نحن معنيون فيه بكل شيء ، الصناديق وما فيها ومن ستحملهم وماذا سيفعلون لنا.علينا بكل قوانا قبل ان نتعرض للسرقة ان نتابع حواشي الديمقراطية وملحقاتها فهي ليست زوائد وهي ليست تغليفا يمكن أن نرميه ونأخذ اللب كما كانت تقول نظريات اللغو القومية .كمية ضخمة من الحذر علينا أن نبحث عنها ونحن نراجع حالنا مع الديمقراطية.
تحت الضغط العالي:مسروقون.. حسب شرويدر
نشر في: 25 ديسمبر, 2011: 09:41 م