تحليل سياسي/ ماجد طوفان بغض النظر عن الملابسات التي أحاطت بقضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، وبرغم أنها أصبحت محل سجال بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، مع ملاحظة أن القضاء كان يقف بين هاتين المنطقتين المتقاطعتين، فان القضية بالنسبة للمراقب هي سياسية بامتياز
وأثبتت الأيام القليلة الماضية أن المشهد السياسي وعلى رغم خطابه الصارخ من جميع الأطراف، إلا انه اثبت جمودا وركودا غير قادر على التعامل مع أي أزمة تمر بها البلاد، ومع أن الأطراف المتصارعة تمسكت بمواقفها، وصرحت في أكثر من مناسبة وغير مناسبة أنها لن تتنازل عن مواقفها، وحار (فقهاء السياسة وشيوخها) في الوصول إلى حل للازمة، لكن يوم أمس شهد مواقف جديدة كان واجهتها القضاء، إذ أعلنت الهيئة القضائية الخماسية، أن مذكرة الاعتقال بحق نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي صدرت بعد توثيق تحقيقات القاضي المنفرد .وقالت الهيئة في بيان لها إن "مذكرة الاعتقال بحق نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بتهمة الإرهاب صدرت، بعد توثيق ما دوّنه القاضي المنفرد"، وبناءً على هذا التطور قرر مجلس القضاء الأعلى إعادة التحقيق في التهم الموجهة لنائب رئيس الجمهورية الذي اجري من قبل قاض منفرد. وهذا الإجراء فتح كوة يمكن النفاذ منها لحلحلة الجمود في هذه القضية التي شغلت الرأي الشعبي على مدار الأيام الماضية، وإزاء هذا السيناريو المفاجئ هناك مجموعة من الأسئلة الملحة التي تفرض نفسها بشكل يدعو للاستغراب والريبة، أولها؛ أين كان القضاء من كل هذه الأزمة؟ وإذا كانت الإجراءات التي اتخذت بحق الهاشمي غير قانونية، لماذا لم يصرح بذلك ويقطع كل التكهنات والاتهامات التي أصبحت على كثرتها غير ذات أهمية؟ لعل المراقب يرجح أن الحل السياسي عندما أصبح مستحيلا، كان لابد من (خلق) صفقة وهي كما نعتقد جاءت بإيعاز سياسي يكون البطل فيها القضاء!! وإذا كان القضاء سيحسم الأزمة، فانه سيدفع ثمنا باهظا وذلك بفقدانه استقلاليته التي كفلها له الدستور، ولعل من المثير أن تتبدل المواقف السياسية بين ليلة وضحاها، فبينما كان القضاء مسيسا قبل يومين أصبح اليوم مستقلا عند بعض السياسيين، إذ أعرب نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، عن سعادته بقرار مجلس القضاء الأعلى بإعادة التحقيق بشأن الاتهامات الموجهة إليه، وفي حين وصف عدم مباشرة القضاة الخمسة بالتحقيق الابتدائي مع ضباط حماياته المعتقلين ومصادقتهم على اعترافاتهم مباشرة بـ"الكارثة"، وأكد أن جميع الاتهامات المتعلقة به غير صحيحة 100% . إن الحل إذا جاء عن طريق القضاء وبرغم كل الشكوك في هذا الموقف الجديد، فأنه سيحفظ ماء وجه السياسيين الذين ورطوا أنفسهم، وشغلوا الشارع بصراعاتهم التي لا يلوح بالأفق أية نهاية لها. وكان مجلس القضاء الأعلى قد أكد، في 22 من كانون الأول الحالي، أن نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بريء حتى تثبت إدانته بأدلة معتبرة للأفعال التي نسبت إليه، مشيرا إلى أن الهاشمي بريء حتى تكتسب الأحكام درجة البتات من خلال مراحل الطعن المنصوص عليها في القانون. وعرضت وزارة الداخلية في الـ19 من كانون الأول الحالي، اعترافات بعض حمايات نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بشأن قيامهم بأعمال عنف وصدور مذكرة اعتقال بحق الهاشمي بتهمة "الإرهاب". وكان رئيس الجمهورية جلال طالباني قد أكد، أول من أمس، أن نائبه طارق الهاشمي موجود بضيافته وسيمثل أمام القضاء في أي وقت ومكان داخل العراق، معربا عن ثقته بقدرة القضاء على حسم هذه القضية بشكل عادل، فيما دعا الجميع إلى التعاون والتفاهم بما يحفظ الدستور.
هل يحفظ القضاء ماء وجه السياسيين؟

نشر في: 25 ديسمبر, 2011: 09:52 م









