الكتاب: روسيا البلشفية والغربتأليف: روبرت سيرفيسترجمة: المدىيقول روبرت سيرفس في كتابه الجديد "روسيا البلشفية والغرب":إن نزعة الارتياب والشك لدى الغرب تجاه روسيا كانت تتحكم في عوامل التعامل مع الاتحاد السوفيتي تاريخياً منذ الثورة الروسية عام 1917، حتى الاقتناع بقبول وجود الدولة السوفيتية كحقيقة ثابتة. وقد جرت محاولات عديدة لخنق البلشفية (وكما عبر عن ذلك تشرتشل) وهي في مهدها.
لقد أحست دول الغرب بخطر الاتحاد السوفيتي على أمنها وخاصة أن كلاً من فرنسا وانكلترا بدأتا تفقدا عددا من خنادقهما، وتعاظم الخطر الموجه إليهما بعد أن وقّع لينين وترونسكي اتفاقية منفردة للسلام مع ألمانيا في بريست – ليتفوسيل، تسمح لبرلين بسحب قواتها من الجبهة الشرقية وتوجيهها نحو الغرب. وكنتيجة تلك الاتفاقية غدا ربع الإمبراطورية الروسية وبالأخص أوكرانيا تحت السيطرة الألمانية.وفي الوقت نفسه، حدثت تطورات جديدة في موسكو، ونادى الروس بالثورة العالمية- مع تناقص هذا التهديد مع الزمن بعد تشكل الكومنترون- وبدأت موسكو في مواجهات أحداث التمرد في هنغاريا والنمسا. وكانت تلك الأعوام الحاسمة، وتغيّر المواقف في الحرب ضد ألمانيا، وضرورة الوقوف مع (البيض) في كفاحهم ضد البلشفية، قد أدت إلى تسليح قادة الكولاك البيض.وفي تلك الأعوام المضطربة ما بين سقوط القيصر وانتصار الثورة الروسية، ظهر على سطح الأحداث، عدد من الجواسيس، ليؤدوا الأدوار التي رسمت لهم. فكان هناك الجاسوس البريطاني سيدني رايلي، الذي كان يدير الأمور المالية، بصورة مخادعة، وعدو الشيوعية، والذي كان يعمل في الخفاء لإسقاط النظام السوفيتي، ولكنه بعد عدة رحلات الى موسكو، تم اكتشاف أمره، والقي القبض عليه وقتل.وجاء بعده روبرت بروس لوكهارت، نصف الدبلوماسي ونصف عميل للاستخبارات البريطانية وتم اعتقاله بعدئذ في روسيا، ومن الجاسوسات الشهيرات آنذاك مورا بودبيرغ، كونتيسة بيندكيندروف، صديقة روبرت بروس،والتي كما تقول التقارير السرية للشرطة الروسية، قد وشت بالجاسوسين السابقين، وقد أصبحت تلك الكونتيسة صديقة لكل من مكسيم غورغي وباج. جي ويلز، وكتبت التقارير عنهما أيضا.ومن الآخرين الذين برزوا في مجال الجاسوسية في تلك الأعوام، كاتب الأطفال، آرثر رانسوم، والذي ربطته علاقة حب مع سكرتيرة ترونسكي، ولا اعرف في ما إن كان يعمل للبريطانيين أم لصالح الكرملين. وبعد عام 1931، ومع توقيع اتفاقية باريس للسلام سحقت الثورات الشيوعية في أوروبا، وأرغم النظام السوفيتي على تبني السياسة الاقتصادية الجديدة لـ (لينين). وتمت مقايضة الثورة بالتجارة، ووقعت اتفاقيات لتوريد المربى واللحم وسمك الرنكة من بريطانيا و (التراكتورات) من بريطانيا الى روسيا مقابل الذهب. وكما كانت سيرة حياة تروتسكي، التي كتبها روبرت سيرفيس ممتازة ونالت التقدير، فإن كتابه هذا يقدم الوقائع كما حدثت. وهو يستعرض فيه محاولات الغرب للتآمر – حسب اطلاعه، وهو مع ذلك يحافظ على توازنه، وحتى هذا اليوم نجد المتعاطفين مع لينين يقولون إن الإرهاب الأحمر قد فرض على الرغم منه، اثر التدخلات الأجنبية. عن: الغارديان
الغرب والبلشفية والجواسيس
نشر في: 26 ديسمبر, 2011: 07:06 م