إحسان شمران الياسريمن دون أن نقلل من الجهد الوطني، الفردي والجمعي، لبناء الدولة ومؤسساتها، والأثمان الباهظة التي يدفعها كل منّا وهو يسهم بما يستطيع في هذهِ الملحمة الكبيرة، فإني أفرّق بين عمل وعمل، بين عمل يبدو للعين فور النظر إليه، لأنه يُنجز بالفعل، وبين عمل يتأخر إنجازه حتى لكأنه لم ينجز.. ومن التجارب العديدة لأمم قريبة منّا أو بعيدة، يمكنك أن تفهم معنى أن نكون لنعمل ولكننا لا نعمل، فيما غيرنا يعمل وهو يعمل.. دعني أذكّر القراء بثلاثة أيام تشكلت فيها حكومات بعد عملية انتخابات شاقة في دول كبيرة كبريطانيا وهولندا..
وحتى مصر، تشكّلت حكومة الجنزوري بعشرة أيام.. فيما نحن لم نشكّل حكومتنا إلى اليوم، باعتبار إن ثلاثة وزراء لم تتم تسميتهم. دعني أذكّر بمساءلات ومحاكمات جرت لمسؤولين لسقوط شباّك أو زجاجة شباك من مبنى، أو سقوط شجرة على طريق، أو وجود حفرة بحجم علبة السجاير على طريق رئيسي أو فرعي.. وكيف وقف المسؤولون بشجاعة وأعلنوا مسؤوليتهم الأخلاقية والإدارية عن تلك الأخطاء (القاتلة!).. فهم يعملون، فيما نحن ننسى المساءلة، وأسس المساءلة والشجاعة التي تقتضيها الأحوال والمقامات.. كل ما يشغلنا أن يجدنا المجتمع والمسؤولون نتحرك وننفق من مال الأمة من دون أن تكون لحركتنا قيمة أو معان.. ولو إننا قدّرنا فداحة أن يتكرر الخطأ بذات الكيفية من دون أن نبذل الجهود لمنعه، ومن دون أن نردع أنفسنا ومن معنا من ذلك، و من دون أن نجد من نعمل معهم مكترثين لتلافي التكرار، لكانت حالنا أفضل، ولأمكننا ادعاء العمل وانتظار ثماره.أكثر من هذا، بعضنا صار مقتنعاً بأن الحركة بأي اتجاه ومن أي اتجاه تكفي لأن يراك الآخرون ويعتقدون إنك تعمل، وهذا مفيد لك ولهم.. وليتك لا تتحرك، فلا تروح وتغدو ليتسنى لمن له الأمر أن يُجرّب بغيرك تحريك الحال وجلب المنافع والمال.. فأنت إن بقيت متحركاً من دون إنتاج أو فكرة، تغدو حاجزاً قاتلاً في زمنِ الانطلاق المطلوب.
على هامش الصراحة: هل نحن نعمل؟!
نشر في: 26 ديسمبر, 2011: 07:22 م