علي النعيمي جماهير الزوراء وما أدراك ما جماهير الزوراء، إخلاصٌ ووفاء ومؤازرة دائمة في السراء والضراء، وأجمل ما يميزهم أن فيهم شعراء ينسجون أبياتهم في لحظة المباراة بشكل مرتجل وجماهيرهم الغفيرة كانت ولا تزال ترقص وتهتف على وتيرة واحدة بحيث يمكن للذي يجلس أمام مقصورة ملعب الشعب أن يطرب بتلك الحركات المتناسقة،
ومهما تكلمنا عنهم وعن طرق تشجيعهم فإن لأصحاب التجارب حكايتهم الممتعة ولاسيما ضمن أجواء المباريات وكواليسها ومن بين هؤلاء الممتعين حقاً يبرز هنا أسم حارس مرمى القوة الجوية السابق كاظم شبيب كونه صاحب نكتة بامتياز وطرفته حاضرة في جميع المواقف وبإجماع كل من عاصره وزامله اللعب والتدريب ،ولعل جماهير الزوراء قد تستغرب مدى حب واحترام شبيب لهم ولطريقتهم الخاصة بالتشجيع. اليوم خصنا شبيب بهاتين الطرفتين التي حصلتا معه أثناء تدريبه في العراق ومواقفه مع جماهير النوارس البيض. الموقف الأول حدث بمعية شيخ المدربين الراحل عمو بابا يومها شن الزوراء هجوماً ساحقاً على فريقه وسط تراجع غير مبرر من قبل المدافعين ونظراً لشدة الضغط بدأ بعضهم بتشتيت الكرات إلى الخارج هذا الأمر اغضب الراحل عمو بابا الذي ترجل من مكان جلوسه وبدأ بالتوجيه وملامح الغضب ظاهرة على محياه، لاحظ جمهور الزوراء مدى استياء عمو من لاعبيه وهنا توحدت الهتافات بشكل مكثف وبعبارة واحدة (داخو..داخو) ،ويضيف شبيب : يبدو أن هذه الأهزوجة كانت غير مألوفة لمسامع الراحل في وقتها أو لعله لم يسمعها جيداً، اقترب مني وسألني ماذا كان يهتف انصار الزوراء من هو داخو؟ قلت له بأن فريقنا ضاع وسط الانتشار الزورائي ،غمز إلي مبتسماً فنهض من جديد واتكأ على مظلة الجلوس وسرعان ما تكررت ذات الهتافات من جديد وهنا استدار إليهم متأملاً المنظرلكن الهتافات علت لدرجة أن الجهة المقابلة لنا بدأت تردد ذات العبارة،همس بابا في داخله ببضع كلمات غاضبة ثم قال بلكنته العامية الجميلة (والله ما يصير لهم چارة) ثم جلس بجنبي وهو يبتسم. وروى شبيب الطرفة الثانية قائلا : كان بطلها مدرب منتخبنا السابق الصخرة عدنان درجال وما عرف عنه من أناقة بارتداء البدلات (الشيك) والاعتناء بمظهره أمام اللاعبين والجماهير معاً ففي إحدى ليالي شتاء بغداد انعم الله علينا بالأمطار ولحظتها شن الزوراء هجوماً كاسحاً وبشكل متواصل على فريقنا ما أربك خطط لعبه ليتسيدوا أرض الملعب طولاً وعرضاً وبدأت هجماتهم تصل إلى مرمانا حيث ارتدت إحدى الكرات من العارضة وعلى أثرها لبس درجال معطفه المطري الأنيق ليقف في الخارج وهو يوجه اللاعبين تحت زخات الأمطار الخفيفة وما أن شاهد جمهور النوارس غضبه وانفعالاته أطلقوا عليه أهزوجة طريفة ولكنها غريبة بعض الشيء حيث رددت الجماهير(قبوطك ما بيه دگمة ياعدنان) لحظتها لم يفهم درجال ما قالوه له فترجل لي وسألني ماذا كان يهتفون؟ أجبت له باللهجة العامية (قبوطك ما بيه دگمة) سرعان ما تلفت من حوله ونهض ليفحص أزار معطفه وأجابني على الفور: كلا أزار معطفي متكاملة العدد!ويضيف شبيب ضاحكاً:عندها لم أتمالك نفسي من نوبات الضحك على الرغم من ضغط الجماهير وشدة الموقف، قلت له: يا أبا حيدر أنت سألتني عن الأهزوجة وأنا أجبتك ولم أكن أعني أطلاقاً أزار معطفك الأنيق! لم يتمالك نفسه هو الأخر فانفجر ضاحكاً وبصوت عالٍ ثم تنهد قائلاً (أويلي منكم يا جماهير الزوراء)!
شبيب وطرفتا النوارس
نشر في: 3 أكتوبر, 2009: 05:58 م