حازم مبيضين تحاول التصريحات الصادرة عن أركان الحكومة الاسرائيلية حول رفض التفاوض مع حكومة فلسطينية تشترك فيها حركة حماس الايحاء بأن المفاوضات قائمة على قدم وساق مع السلطة الفلسطينية وأن المانع من التوصل إلى اتفاق بين الطرفين هو وجود حماس مع أن الجميع يعرف أن محاولات العودة إلى التفاوض بين السلطة وحكومة نتنياهو اصطدمت على الدوام بالتعنت والاصرار على المضي في استيطان الإسرائيليين في أراضي الدولة الفلسطينية العتيدة,
وأن ذلك كان السبب الرئيس في حالة الجمود الراهنة التي يصر الطرف الفلسطيني وهو على حق في ذلك للخروج منها على الوقف الفوري لعمليات الاستيطان التي ستكون حجر عثرة في التوصل إلى الاتفاق المنطقي المتضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على الاراضي التي احتلت في حرب حزيران عام 67 وهي التي تشكل اليوم محور التمدد السرطاني للدولة العبرية. وزير الخارجية ليبرمان القادم إلى أروقة الدبلوماسية من النوادي الليلية كان أكثر وضوحاً من رئيسه وهو يستبعد التوصل إلى تسوية, ويرى بعين حولاء أن المصالحة الفلسطينية خدعة, ويهاجم الدول الأوروبية متهماً إياها بفقدان الصدقية بعدما انتقدت الاستيطان واعتداءات المستوطنين, وهو بعد ترديد نغمته الممجوجة بالتهجم على الرئيس الفلسطيني يتبجح بالقول إن أي تنازل إقليمي لن يحل القضايا الحقيقية، وهي اللاجئون والترتيبات الأمنية والقدس، وهو بذلك يعتبر الانسحاب من الاراضي المحتلة تنازلاً إقليمياً في محاولة لحرف الصراع عن الطرق التي قد تفضي إلى حلول مرضية, وباختصار فإنه يحاول التفوق على رئيسه في الظهور بمظهر الأكثر تشدداً وتعنتاً وعنجهية وعنصرية وهي بمجملها صفات تليق به مثلما تليق بنتنياهو. هذه التصريحات المتشنجة لا تنفي أن هناك اتجاهات في الدولة العبرية لفتح قنوات اتصال مع حماس على قاعدة الايحاء بالجدية في التوصل إلى حلول سياسية من جهة ومناكفة السلطة من الناحية الثانية ولإدراك هذه الاتجاهات أن حماس قوة موجودة على الأرض لا يمكن تجاهلها, بعد أن باتت جزءا أساسياً من نسيج المجتمع الفلسطيني، واستطاعت بناء سلسلة من العلاقات الدولية ابتداءً من موسكو ومروراً بالعديد من دول غرب أوروبا, وأفشلت بجدارة كل محاولات واشنطن وتل أبيب الساعية لعزلها بعد نجاحها في الانتخابات التشريعية , وبعد فشل كل المحاولات الإسرائيلية العسكرية لشطبها, إضافة إلى ما أفرزه الربيع العربي من حضور متزايد للتيارات والأحزاب والقوى الإسلامية في مصر وتونس واليمن وهي جهات ترتبط بحماس وتؤيد توجهاتها, ومستعدة لدعمها.هذه الاتجاهات تجد صداها في غزة, حيث يعلن الشيخ محمود الزهار أن حركته يمكن أن تحاور إسرائيل ولكن بطرق غير مباشرة وحول قضايا تقنية بحتة، وهنا فان هذه الحركة تسعى ببراغماتية عرفت بها لإثبات ذاتها كقوة صالحة للتفاوض معها, وإن اقتصرت عملية التفاوض في مرحلتها الأولى على قضايا فنية, كالمعابر والأسرى والأوبئة, باعتبارها قضايا ملحة تفترض تداخلاً على الأرض، مع ثقتها بأن ذلك سيفضي في نهاية الأمر إلى بحث المواضيع السياسية في ظل قناعة بعض الإسرائيليين بضرورة فتح قنوات الاتصال معها انطلاقا من اعتبارها مكوناً أساسيا من مكونات الخريطة السياسية الفلسطينية، وأنها أثبتت خلال صفقة تبادل الأسرى أنها تجيد قراءة الخريطة الراهنة، وهي في الوقت نفسه ترفض الحوار المشروط بالاستجابة لشروط الرباعية الدولية المعروفة، وتعدها شروطا مجحفة ومقزمة ومهينة للنضال الوطني التحرري العادل للشعب الفلسطيني عندما تساويه بالإرهاب. وبعد, فان المؤكد أن الخطوات الأخيرة لغلق ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية, كانت السبب في عودة حماس إلى الواجهة, بحثاً عن وسائل للتعاطي معها, ومع ما سيستجد على الساحة الفلسطينية, مع الأخذ بعين الاعتبار بأن إمكانية فتح حوار إسرائيلي حماسي في الوقت الراهن مستبعدة لأسباب لا علاقة لحماس بها, وإنما تتعلق بالذهنية التي تتبناها حكومة نتنياهو, وأساسها عدم الانخراط في أي مفاوضات جادة لامع حماس ولا مع سواها.
في الحدث :هل تفاوض إسرائيل حماس؟
نشر في: 26 ديسمبر, 2011: 08:36 م