عادل العاملمن أكبر انشغالات الخطاب الأدبي في الوسط الثقافي الكيني مؤخراً كانت مسألة تضمين مذكرات الكاتب الكيني بينيافانغا وينينا، ( يوماً ما سأكتب عن هذا المكان )، في قائمة أوبرا الرفيعة للقراءة الصيفية، و هو كتاب سيظهر في بداية العام القادم. و لم يكن مدهشاً على مستويات اللغة، و الأسلوب، و الفكر، أن يكون بينيافانغا قد ترك علامةً لا تُمحى في رمال الزمن الأدبية و هو محدد الآن، مع استحسان أوبرا، بكونه شخصيةً عالمية حقاً، كما يقول سايلاس نايانشواني في مقاله هذا.
و يذكر أحد النقّاد في صحيفة نيو يورك تايمس قائلاً : " إنه ليس كتاباً لذوي النزعة الأفريقية أو عشاق أدب ما بعد الاستعمار. فهذا كتاب لأي شخص ما يزال يجد غذاء الحكاية المكتوبة بشكل جيد مفضّلاً لديه على صدمة اعترافٍ لشخصٍ شهير أو غموض قصة سويدية ".إنها قصة تُحكى من عينين بريئتين لبينيافانغا شاب عن النشأة في بلد تكون القبلية فيه قضية شائكة. و هي تتحدث عن توقعات الوالدين و الانجذاب القوي الذي كان لديه نحو الكتب و الكتابة، اللذين يُصبحان لاحقاً مصدره للمال الضروري. و لقد كان الكاتب، الفائز بجائزة كين Caine لعام 2002، على روايته القصيرة ( اكتشاف البيت ( Discovering Home، منتقداً على الدوام لتصوير الغرب القارة الأفريقية. و كانت مقالته عام 2005 ، المنشورة في غرانتا، و هي مجلة أدبية بريطانية، ( كيف تكتب عن أفريقيا )، المادة الأكثر هجائيةً الموجهة للغرب و تصويرهم المقرف للأفارقة في سردياتهم المختلفة.و قد استعارت مذكراته الجديدة بالتأكيد من أعماله السابقة، و لو أنه يتخذ كثيراً هذه المرة دوراً مركزياً، كونه اللاعب الرئيس. فهو يكتب عن هشاشته السياسية في كينيا خلال الفترات الانتقالية لموت جومو كينياتا إلى حكم دانييل موي الاستبدادي، و عن رحلاته الأكاديمية في أوغندا و جنوب أفريقيا، و النيوكولونيالية المتغلغلة.و قد أُثني على بينيافانغا لنزعته اللغوية المعصومة من الخطأ، و وصفه السينمائي، و تدفقه الشعري. لكن لابد للمرء أن يتساءل : لمن يكتب أمثال بينيافانغا، يا تُرى؟ و مصالح مَن تخدم أدبياً و ثقافياً؟إنهم جزئياً و بسبب أسمائهم، بينيافانغا، و نغوغي وا ثايونغو، و ابنه ميوكوما و كتّاب آخرين منفيين مهنياً في الغرب يشكلون حيزاً متفقاً عليه في الإعلام للكتابة عن أفريقيا. فهناك صحف مثل نيو يورك تايمس، واشنطن بوست، الغارديان و غيرها تخصص أعمدةً لهؤلاء الكتّاب مليئة بالإيديولوجيات الفكرية المستحيلة التطبيق في السياق الأفريقي.و في الوقت الذي نستمتع فيه بإتقانهم اللغة، فإن أعمالهم أخفقت باستمرار في إدراك المزاج الحاضر في القارة. و هم مستنسخون بشكل ثابت في الأدب التاريخي. و ما يزال نغوغي يتفجع على اللغات المحلية، قضية الجدال القديمة لعقود من الزمن.و الكتّاب المعاصرون منهم ينتقدون أفريقيا و يتهمون العالم الغربي بالأمبريالية المستمرة من العواصم الغربية، و تلك قمة المفارقة. و هم يأتون إلى أفريقيا ليلقوا محاضراتٍ و بحوث ثم يعودون إلى وظائفهم المجزية في الغرب. و أنا يشغلني تدبيرهم رزقهم هكذا بانتقاد أفريقيا لخاطر مضيفيهم الشهماء و لا يوفرونهم أيضاً في الوقت نفسه!و لقد حل الوقت الذي بدأنا فيه تتبّع الأدب الذي يحتفي بثقافتنا إضافةً للتحديات المنبثقة اليوم. فالكولونيالية و سياسة التمييز العنصري يبليان، بينما يصارع الشباب البطالة، و الانفجار السكاني، وقضايا التوجّه الجنسي و النزعة الاستهلاكية المفرطة.rn■ عن: allAfrica
تناقضات الكاتب بين الوطن و المنفى
نشر في: 27 ديسمبر, 2011: 07:04 م