د. علي الخزرجيتعتبر مفردة التعايش من المفردات المهمة في بناء المجتمعات السلمية وتعتبر هذه المفردة بحد ذاتها مقياسا لرقي و ثقافة المجتمع ، لمفردة التعايش معان كثيرة و من هذه المعاني هي ثوره توحيد المجتمعات أو الأفراد ،و هنا أقصد بالثوره هي تحرك سريع لتوحيد صفوف الأفراد والمجتمعات تحت سقف واحد متساوي الأبعاد و ضم جميع أفراد المجتمعات تحت بناء واحد قائم على أساس العيش مع الآخرين ضمن منهاج الحوارات و التفاهمات المشتركه التي تنتج أواصر التجمع و خلق المجتمع السلمي ....
ما موجود في العراق من تعدد القوميات و الأديان و المذاهب ما هو إلا دليل على التعايش السلمي ، فالعراق متنوع الأطياف وتكمن جماليته في أطيافه المتعدده من كرد و عرب و تركمان ، مسلمين و مسيحيين و يهود و إيزيديين و شبك و صابئة، فهذا التنوع بالتركيبة المجتمعية فرضت على المجتمع أن يكون متعايشا بطريقة قويه فمهما كانت التحديات كان تماسك هذا المجتمع أكثر قوة . لو نرجع إلى الوراء قليلا و ننظر إلى وقت الانقلابات و تهافت الانقلابيين على حكم البلاد ، كان هناك اتباع سياسة التفريق بين أبناء المجتمع الواحد وزرع الألغام في طريق التفاهمات السلمية التي تبقي المجتمع متماسكا , أدت هذه الألغام التي انفجرت تباعا إلى إحداث ثغرات في مبدأ التعايش السلمي وتفريق المجتمع ،فبدلا من أن يقول الفرد إني عراقي بدءاً بتقديم مصطلح القومية أو الديانة أو المذهب على العراقي ، فإنه يقول: إنني من القومية ..... و عراقي بدلا من القول إنني عراقي فقط , و من ثم إن عمليات التهجير التي قام بها الانقلابيون أدت إلى تفتيت بنية المجتمع و فقدان جزء مهم من هذه التركيبة الفريدة في العالم ، و من ثم الدخول بحروب ،و باعتقادي لا مبرر لها و تفتيت بنية المجتمع اقتصاديا و ثقافيا هذه المرة و اجتماعيا التي خلقها الانقلابيون عند تهافتهم على الحكم وإدارة الدولة العراقية حينها ، فبذلك ظهرت في يومنا هذا فئة تدعو إلى تهديم ما تبقى من مفهوم سلمية المجتمع وماهم إلا امتداد للانقلابيين الذين ظهروا في السابق . تأثير التعايش السلمي على رقيّ الحياة لنتمعّن في تاريخ العالم و نبحث عن النقطة الجوهرية التي سحرت العالم وحولت دولا ذات صراعات عرقية و عنصرية إلى دول في مقدمة القمة وعلى رأس الهرم لنجد أن هذه النقطة التي انبثقت منها تلك الدول هي مفتاح الحل و باب الخلود ، فقد كان لمصطلح التعايش السلمي الدور الأساسي في بناء مجتمعات هذه الدول بناءً قويماً و قيادة هذه المجتمعات إلى تصدر العالم ، فعلى سبيل المثال الولايات المتحدة الأمريكية و الكل يعلم ما عانته من حروب عرقيه بين أفراد المجتمع الأمريكي ،و الآن أمريكا في مقدمة العالم من جميع النواحي الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية ...... إلى من يعود هذا الدور ؟هل كانت خلطة سحرية حوّلت مجرى تاريخ هذه الدولة , لا لم تكن هناك أي خلطة سحرية و لكن إدراك أفراد المجتمع مفردة التعايش السلمي وتفهم معنى هذا المصطلح أعطى الحل السحري الذي من خلاله شقّت هذه الدولة و دول عدة الطريق في سبيل الخلود . سبل الارتقاء بواقع التعايش السلمي 1.خلق مجتمع قائم على أساس التفاهمات السلمية و احترام الرأي الآخر و يكمن هذا البند بنشر الأسس و المفاهيم السلمية المدنية بين أفراد المجتمع 2.التأكيد على مفهوم الهوية الوطنية و هذه من مسؤولية المثقف العراقي 3.جعل مفهوم التسامح و سلمية الحلول عناوين لحل القضايا العالقة و استبدال المفاهيم الخاطئة التي نشأت في عصر الانقلابات بمفاهيم ذات قيم تؤكد على أن المجتمع سلمي .4.نبذ العنصرية والتمييز من خلال تفعيل أو استحداث قوانين تحاسب الأشخاص و التجمعات العنصرية 5.إشاعة المفاهيم الدينية الصحيحة بين أفراد المجتمع من خلال نشر الكراسات و الطوابع التي ترشد أفراد المجتمع إلى أنهم ضمن مجتمع واحد قائم على أساس التعايش بين الجميع سلميا .6.إشراك المؤسسات الإعلامية في تثقيف أفراد المجتمع و لاسيما الإعلام المرئي وإعداد البرامج و التقارير التي تهدف لذلك .7. النقطة الأهم في يومنا هذا هي اتباع سياسة التهدئة و إبعاد المجتمع عن الصراعات السياسية و انتهاج سياسة التعايش السلمي لا سياسة الانقلابيين . من المسؤول عن نشر ثقافة التعايش السلمي؟ في اعتقادي إن المسؤولية هي للجميع من أفراد و رجال دين و سياسيين وإعلاميين و مثقفين و لكن الدور الأكبر يقع على عاتق رجال الدين و رجال العشائر نظرا إلى أن تركيبة المجتمع العراقي هي تركيبه دينية عشائرية , فوجود المثقفين من رجال الدين و العشائر سيساهم في استحداث طرق جديدة قد تساعد في تقوية أواصر المجتمع الواحد الذي تجمعه تقاليد مختلفة . فبناء العراق الديمقراطي الجديد , عراق الإنسان يحتاج إلى تضافر جهود الجميع فلا يمكن بناء دولة رأس مالها المجتمع المتآلف القوي إلا بالإيمان بمبدأ التعايش السلمي وإلا فكيف يمكن البناء مع وجود الألغام التي تهدد تعايشنا السلمي ضمن المجتمع الواحد ألا و هو المجتمع العراقي. خلق صورة الماضي فالنظر إلى الحكم الملكي و سلمية المجتمع التي كانت سائدة في ذلك الوقت كما ننظر إلى جمال القمر ،و لنرسم تلك الصورة التي ساد معالم جمالها كل العالم و لنتخيل ما س
التعايش السلمي فـي العراق و سبل الارتقاء بهذا الواقع
نشر في: 27 ديسمبر, 2011: 07:10 م