هاشم العقابيجاء في الأخبار ان المالكي قد قال فيما يخص الازمة السياسية الأخيرة، ان ما اتخذه من قرارات لم تكن بدوافع طائفية. وانا اقول له صدقت. فالدوافع (الاسباب) لم تكن كذلك. انها ابعد من ذلك وأخطر منه بكثير. انها يا سيدي باختصار دوافع تسلطية. لكن تداعياتها ستكون طائفية شئنا اما ابينا.
فمن اليوم الذي جاهد به السيد المالكي، ان يجعل الهيئات المستقلة تحت إبطه، وأبلى من اجل تحقيق ذلك بلاء حسنا، قلنا هنا في هذه الصحيفة وقالها غيرنا في صحف وقنوات إعلامية أخرى، انها من علامات عودة الدكتاتورية. ومهما عددنا مخاطر الطائفية تبقى عودة الدكتاتورية اشد خطرا. لانها، في المحصلة، ومن خلال تجربتنا المريرة معها، لن تكرس الطائفية حسب، بل تحولها الى سلوك سياسي وشعبي، سيأتي على كل نفس متطلع لعراق مستقر وآمن، ليقبره حتى لو كان مجرد حلم.هذا التوقع لا ننفرد به ككتاب ومحللين عراقيين، وهو ليس اجتهادا من قبلنا، بل شاركتنا فيه مراكز بحوث غربية محايدة اشغلت نفسها بسيناريوهات المستقبل في العراق، خاصة بعد رحيل القوات الأميركية. وتكاد تجمع تلك المراكز على توقع ثلاثة سيناريوهات: الأول ان تنهض بالعراق حكومة شيعية دكتاتورية يتزعمها المالكي نفسه او تيار شيعي متطرف مدعوم من طهران. أما الثاني فيفترض فشل التجربة الشيعية الدكتاتورية فتشتعل حرب أهلية تجر لها اطرافا خارجية من بينها دول الخليج العربي وتركيا وايران. والسيناريو الثالث هو فشل كل الاطراف في حل مشكلة الاستقرار بالعراق فيسقط آخر ما تبقى من الدولة العراقية. أي سيكتمل سقوطها تماما.لا يُنكُر ان هناك اطرافا وشخصيات فاعلة في العملية السياسية ارتفعت اصواتها متوقعة مثل هذه السيناريوهات، بشكل او بآخر قبل ان تتوقعها مراكز البحوث تلك. وكان من بين اكثر تلك الاصوات وضوحا وصراحة صوت كتلة الاحرار وزعيمها السيد مقتدى الصدر. ان أي نفس دكتاتوري اذا لم يواجهه نفس معارض سيستفحل. لذا نجد دائما بوادر الدكتاتورية تبدأ باطلاق بالونات اختبار لقياس ردود الافعال الشعبية والسياسية. وبحسب رد الفعل، نوعا وكما، تنتصر الدكتاتورية أو تندحر. ومن بين اهم ردود الافعال الايجابية على اطلاق بالون "قضية الهاشمي"، كانت دعوة الصدريين لاعادة الانتخابات لانها تقع خارج الحلول الترقيعية و "الاخوانية" التي زادت ازمات العراق عمقا واشتعالا.عودة الى تفسير الدوافع التي تقف وراء الازمة الاخيرة، جاءت ردود "المقربين" من المالكي لتؤكد انها تسلطية قبل ان تكون طائفية. فما ان نادى السيد الصدر بوجوب اعادة الانتخابات حتى انتشر خبر ان مقربا (مستشارا) للمالكي لوح بالقاء القبض على السيد مقتدى الصدر بتهمة في قضية مرت عليها ثماني سنوات أو اكثر.فلو كانت الدوافع طائفية لما هُدد الصدر (الشيعي) بما هُدد به الهاشمي (السني). لكن دعوة الصدر مست "شرف" الكرسي، الذي من اجله، عند من يعشقه، ليحترق العراق واهله.
سلاما ياعراق : طائفيّة أم دكتاتوريّة؟
نشر في: 27 ديسمبر, 2011: 08:04 م