وارد بدر السالميطلق السياسيون عليها "اللعبة" ويضيف العامّة إليها مفردات شتى تكشف النوع الاجتماعي بمساراته الثقافية المختلفة، وكلما اقترب موسم الانتخابات تعددت المنافذ الوصفية لها وتهيأ المجتمع للمزيد من النعت بشقيه السلبي والإيجابي.
فاللعبة ذاتها قد تكون نزيهة وقد تكون قذرة ولا يمكن أن تكون في حدها الوسطي، لذلك تلجأ الدول الى الاستعانة بمراقبين ومشرفين ومحكمين لانعدام الثقة بالسلطات الحاكمة لاسيما في دول العالم الثالث والرابع والخامس؛ أما العالم "الأول" المتمرس في لعبة الديمقراطية فمواطنوه يبصمون بأصابع بنفسجية ووردية للحزب الذي يريدونه وللشخص الذي يستقتلون من أجل ولايته.اللعبة نزيهة في العالم الذي يخلو من العقد الاجتماعية والطائفية والمذهبية والعرقية؛ واللعبة قذرة في العالم الذي فيه كل هذا.. اللعبة نزيهة في العالم المتحضر وقذرة في العالم المتخلف.التجربة الانتخابية المتكررة في الدول ذات الباع الطويل في الديموقراطية تمنح مواطنيها وحزبييها حصانة أخلاقية واجتماعية وسياسية عامة، وفي دول غير هذه تشاع الفوضى بين الجميع وتتعدد الولاءات لتعلو أصوات معينة على حساب الغير بتشغيل ماكنة اللعبة الى أبعد مدياتها كذبت أم صدقت في حريق انتخابي شامل يضع الجميع في مصهر ساخن ليس أقله فرض الحالة المراد انتخابها بالتشويش وتخوين الغير ولو اقتضى الأمر بالتزوير حتى!في الدول الصاعدة تضع الأحزاب برامجها الانتخابية وتدافع عنها وتفرش مفرداتها دون مواربة ولا تدليس، وفي الدول التي تضع خطواتها في أول السلم، لا تكون برامجها واضحة بما يكفي أو تكون بمفردات مطاطة عامة عن الحياة الجميلة والمستقبل السعيد والحقوق العسلية والواجبات الوردية والمواطنة الصالحة في غدها القادم على أجنحة السراب!الدول التي يمارس مواطنوها ديمقراطية الشك والخوف والتردد والإحجام عنها تحتاج الى زمن ديمقراطي خارج عن برامجها الانتخابية ووعيها الإيديولوجي وحضورها الاجتماعي والأخلاقي، قد نقول بسبب حداثتها على الحالة السياسية إن كنا حياديين ولا ننظر بشك اليها، وقد نقول بسبب تسيدها الاجتماعي والديني لو كنا نغمز بطرف خفي إليها ونحن ننظر الى لعبتها الانتخابية في دهاليز السياسة الشائكة. لعبة السياسة مشتركة بين الجميع، صغاراً وكباراً، سياسيين وغير سياسيين، والأحزاب عادة ما تراهن على الشارع، الشارع المختلط بفئاته وانتماءاته المختلفة.. تراهن على وعيه وأميته معاً، الشارع كالغابة الواسعة المترامية الأطراف فيها الفحول وفيها الإناث.. فيها الأشجار العالية التي تقاوم الريح والأخرى التي تثنيها خفقات أجنحة العصافير.. الشارع مجموعات من المتعلمين والمتعالمين.. المثقفين والمتثاقفين، السياسيين والمسيسين والمتسايسين والذين أدركتهم حرفة السياسة بلعبتها الخطيرة.. شارع المجتمع خليط مخلوط من طبقات وأهواء وأمزجة وبرامج وفيه الكثير مما يشجع على الاستمرار في لعبة السياسة، لكن فيه الكثير مما يُحبط أيضاً.ولا يمكن لنا أن نجزم أن الشارع بهوىً مشترك يمكن أن يُطمئننا الى خيار صحيح في نهاية الأمر، وإلا لماذا ولدت مئات الأحزاب في ماراثون متعب سيتعب الشارع في آخر الأمر؟هذه اللعبة الجديدة تغري كثيراً بممارستها لو أن الأحزاب الكبيرة امتلكت برامج غير مُخدِّرة نفيق بعدها على وهم! ولا نرى الحياة الوردية التي وعدونا بها!فما بالنا بالأحزاب الصغيرة التي تميل حيث تميل الريح!!
اللعبة
نشر في: 3 أكتوبر, 2009: 06:10 م