اصدر عدد من المثقفين والناشطين السياسيين العراقيين بياناً ناشدوا فيه الشعب بمختلف قومياته ودياناته ومذاهبه، التصدي للقوى المتنفذة في السلطة باعتبارها المسؤولة عن آلامهم وعذاباتهم. كما ناشدوا الرأي العام العالمي، وبالأخص الأميركي والأوربي، بتحمل مسؤولياته بالضغط على حكوماتهم للمساهمة في تصحيح مسار العملية السياسية في العراق.. ووقع البيان عشرات من المثقفين بينهم محمد الملا عبد الكريم، د.عزالدين مصطفى رسول،
هيرو إبراهيم أحمد، بيختيار علي، زهير كاظم عبود، عبد الإله الصائغ، فرهاد عوني، كمال رؤوف، سوزان شهاب، وجيمن إسماعيل، وجاء في نص البيان: بعد نضال بطولي لشعبنا العراقي وحركته الديمقراطية والوطنية ونتيجة لإصرار العراقيين على تحقيق حلمهم في غد أفضل سقطت الفاشية في 9 نيسان من عام 2003 كمقدمة لتحقيق حلم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية من خلال إقامة دولة القانون والمؤسسات. دولة تحترم الحريات المدنية وترسّخ مبادئ المواطنة.لكن الحلم تحوّل إلى كابوس يومي ومتاهات بلا أفق، فمفخخات القوى الإرهابية وتقاطعات أطراف العملية السياسية واحتراباتها وضعت العراقيين في وضع المقارنة بين أشكال القمع وهوية خطابه بين زمنين.إذا ما كان النظام السابق قد مارس القمع الدموي مستخدماً مؤسسة الدولة المُختزلة بحزب يحركه دكتاتور، فان العملية السياسية المشوهة بعد عام 2003 في جوهرها قد خلفت أشكالاً جديدة للقمع، مستندة إلى قاعدة اجتماعية وفكرية مشوهة. فالخطاب الإلغائي والقمعي دخل فضاءات جديدة، فضاء الدين السياسي والنزعات الشوفينية والقومية الضيقة الأفق، فضاء القمع الاجتماعي والتهميش الاقتصادي، وفضاء الفكر الطائفي السلطوي والحزبي.قراءتنا لاختيار بغداد كأسوأ عاصمة، هي إدانة وإعلان لا يقبل الشك بأن العملية السياسية بأطرافها وتوجهاتها تمثل الأسوأ، بدليل أن ميزانية العراق الهائلة التي تتجاوز الـ 100 مليار دولار سنوياً لم تتمكن من توفير أبسط متطلبات الحياة الإنسانية وحقوق البشر.فأين الخلل؟ ومن المسؤول عن تحويل البلاد إلى حقل ألغام يمكن أن يُفجِّر كل شيء وفي أية لحظة. فخلافات الحدود والمياه والحقول النفطية المشتركة بين المحافظات العراقية لهي أكثر وأعمق من مثيلاتها بين دول منطقتنا، خلافات وصلت إلى درجة التنازع بين هذا الوقف وذاك حول عائدية مقابر الأئمة والأولياء.أننا مثقفو وأحرار العراق نناشد أبناء شعبنا بمختلف قومياته ودياناته ومذاهبه التصدي للقوى المتنفذة من دون استثناء لأنها المسؤولة عن آلامهم وعذاباتهم. كما نناشد الرأي العام العالمي وبالأخص الأميركي والأوربي بتحمل مسؤولياته بالضغط على حكوماتهم للمساهمة في تصحيح مسار العملية السياسية في العراق لأن العملية السياسية ورموزها وما أفرزت من أزمات نتاج لتدخل دولي وإقليمي في شأنه الوطني.. كفى، فالدم العراقي ليس رخيصاً.نحذر من الكارثة، وثقتنا عالية بشعبنا ووقفته المنتظرة منه في مثل هذه المنعطفات التاريخية. فلا خيار سوى الدولة المدنية الديمقراطية، ولا حل سوى بالتسامح والتعايش السلمي ضمن دولة تضمن حقوق المواطن بغض النظر عن انتمائه الديني أو الطائفي أو القومي أو السياسي، وتكون إطاراً للتعايش والتفاعل الحضاري بين أبناء القوميات وأصحاب الأديان المكونة للشعب العراقي من دون إقصاء أو تهميش.
مثقفون: الشعب قلعتنا الاخيرة
نشر في: 28 ديسمبر, 2011: 07:19 م