TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > على هامش الصراحة :كل خميس: استذكاراً لصراحة (أبو كاطع)

على هامش الصراحة :كل خميس: استذكاراً لصراحة (أبو كاطع)

نشر في: 28 ديسمبر, 2011: 07:23 م

 إحسان شمران الياسري نواصل في هذا العمود إعادة نشر بعض ما كتبه الراحل (شمران الياسري- أبو كاطع) في عموده الشهير (بصراحة أبوكاطع) قبل أكثـر من ثلاثة عقود، لنُريح الناس، وليستذكروا سخريته ممن كانوا مسؤولين عن خلق المعاناة لهم.. تحقيق صحفي أعدّه أبو كَاطع
من مغربية 13 تموز حتى أشرقت الشمس.. على بيرغ الثورة اسمـع يا ابو كَاطع.. ماكو شي أكثـر إثـارة مـن الثـورة (سولف) يا خلف الدواح، كيف امضيت الاثنى عشرة ساعة، التي سبقت اذاعة البيان الاول لثورة تموز المجيدة؟  وضح.. شتريد بالضبط  اشلون كضيت وكتك من الساعة 6 المغرب يوم 13 تموز الى الساعة 6 مصباح 14 تموز؟ سكت خلف الدواح. حتى ثقل علي صمته. لكنني احترمت تعابير الجد التي ارتسمت على وجهة. وقلت فلأنتظر.. وتراءى صاحبي في حالة ذهول: يعد على اصابعه.. ومن حين لاخر يضيق احدى عينيه ويحدد البصر في نقطة بعيدة.. ثم اعلن بدهشة: أيباه ! بهاي الاثنعش ساعة، اشكثر تذكرت امور.. ايباه! يا ابو كَاطع اثاري واحد لو يفكر اشصار ما صار واشسوا بيوم واحد ينراد له شكبان دفاتر! امضي يومه (13 تموز) يستدر عطف الريح لينجز (ذراوة) الحنطة.. تهب نسمة غريبة، فيركض خلف الدواح، ويغرز (المرواح) في الحاصل ويرفعه عاليا، محملا بحبات القمح والتبن.. تساقط حبات القمح عموديا ويبتعد القش – بحسب قوة الريح – ويلتفت الي خلف، كالمعتذر، ويسال. تريد اكمل النهار كله.. وانت تختار منين تكَطع السالفة ؟ ـ لا والله.. الاحسن ابدي انت من الساعة 6 مغربية 13 تموز.. بكيفك.. ما اطول عليك.. بيوم 13 تموز ماكَدرت اذري بالبيدر.. جانت شحيحة بهواها.. المغرب رجعت للجرية.. (وتذكرت انني غادرت المحل التجاري الذي اعمل فيه محاسبا حوالي الساعة السادسة وكانت وجهتي – على موعد مع مجموعة من الاصدقاء – الى شارع ابي نواس) صار غداي عشاي.. واتذكر جابت لي ام حسين جدر ماي.. وسبحت.. ولبست دشداشتي الجديدة.. وسيرت لمضيف الشيوخ.. جانت مشكلتنا بهذيج الايام.. (وكان حديثنا في شارع ابي نواس ليلتها حول احداث لبنان.. والتدخل الامريكي). مشكلتنا الجسمه.. سمعنا ال مسعود مشتكين.. مطالبين بتطبيق قانون جسمة الحاصل بالنص لكن جماعتنا (اهل الجرية) يشتهون ويستحون.. ويريدون الجسمة تصير بالنص لكن محد يكَدر يرفع حسه ويكَول للشيخ لا تاخذون اكثر من النص.. (وكنا نخشى ان يتغلب الشراب على صديقنا (غ) فيكرر ما صنعه بنا ذات يوم.. حين هتف بسقوط سيدنا الملك.. ! ولم نتغلب على المشكلة الا بصعوبة بالغة التعقيد.. وافراغ جيوينا مما فيها..) وجان (شيخنا) ايسمونه ابو (رباط) عنده عاده ما يخلي واحد يسولف سالفة بغير رباط.. وحمود بن شنين يريد يسولف للديوان سالفة نجاح الدعوة اللي قاموها ال مسعود ضد شيخهم.. (وهمس باذني احد الاصدقاء، معلنا صدور بيان جديد من الحزب الشيوعي العراقي.. يدعو فيه الي ترقب احداث هامة.. في اللحظة المعينة ووعدني بالاطلاع عليه غدا.. ) صاح واحد من الجاعدين بالديوان.. عكَرب.. عكَرب كَام عليها واحد.. كتلها.. وورا اشوية هم طلعت عكرب ثانية.. وكتلوها وجان يبدي حمود بن شنين سالفته ويكول: اول البارحة جنت ضايف بجرية ال مسعود.. واجا وفدهم اللي راح لبغداد يشتكي.. وجان يتنحنح الشيخ.. كَال حمود بن شنين: وبها الاثناء طلعت بالديوان عكَرب.. سكت الشيخ من حيث شاف السالفة الها رباط.. (وارتفع صوت معلق راديو بغداد.. مهددا متوعدا الطغاة بسوء المصير.. وهو في معرض الحديث عن الجمهورية العربية المتحدة.. وضحكنا جميعا وقهقه صديقنا (غ) بصوت مرتفع فتسارعت دقات قلوبنا، خشية ان يكون مزاجه قد جاء للهتاف بسقوط سيدنا الملك !) ما اطول عليك يا ابوكَاطع.. حمود بن شنين سولف كل شي عن دعوى ال مسعود.. والديوان افتهم مكَصده.. والشيخ كل ساعة يلزم عصاته.. لكن حمود بن شنين.. بين فتره وفتره يكَول وبهالاثناء طلعت عكرب. (يمكن الله يعلم سواهن 25 عكرب !) ولم يكن خلف الدواح اول من غادر مضيف الشيوخ ولا آخرهم..   وجان الهوا عذيبي.. بس حطيت راسي على المخده نمت! وي الفجر كَعدت ورحت للمحله وكَمت اذري.. ما اتذكر اشلون رفعت راسي واشوف بيرغ العشيرة الاحمر.. ابو رمامين يرف فوك بيت حمود بن شنين.. ذبيت المرواح وركضت.. (واتذكر انني كنت وسط مجموعة من العمال دون سابق تخطيط، مني، نقترب من قصر النهاية) ولكنك لم تقل شيئا مثيرا، حتى الآن، يا خلف الدواح، ولم ترسم لي صورة الفرحة.. عندك وعند الآخرين.. وكيف كانت القرية.. وكيف كان الشيوخ ؟  شي ما ينوصف.. جان حمود بن شنين، مثل المسودن ! مدري شلون كَدر يسيطر على الجريه كلها ويقنع الفلاليح.. يحاصرون قصر الشيوخ بعدين عرفت.. اثاري حمود بن شنين شيوعي من هذاك الوكت.  ـ أريد شيئا مثيرا..  لا لا شيء أكثر إثارة من الثورة..  شيئا ملموسا.. ومثل ما تدري – يا ابو كَاطع – من بعد ثورة تموز، ما ادري اشجم شهر.. ولا اكو واحد سطا عليه حرامي.. ولا اكو واحد ظل يحرس.. ولا حتى صارت عركة بجريتنا..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram