محسن ناصر الكناني (1) المراقب لسوق الثقافة في بلدنا، يلمس ظاهرة خطيرة، تتمثل قي عجز الدولة،عن طبع ونشر مجلات، وكتب، أدب الأطفال، بحيث (بقيت دار ثقافة الأطفال عاجزة مالياً عن طبع نشراتها، وميزانيتها تخضع (للتمويل الذاتي)!
وهذه الظاهرة باتت مقلقة، للآباء ، والأمهات، والتربويين، والمثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي، ومنظمات المجتمع المدني المعنيّة بالطفولة، والذين يهمهم، أن يتطور سوق أدب الأطفال، باتجاه ايجابي ، متصاعد. وكلما عقد مؤتمر سنوي لثقافة الأطفال (وآخرها في النجف الأشرف)، فإن توصياته غير ملزمة للحكومة بل تصرُّ، أو تسد آذانها، عن ضرورة دعم الطفولة، بالرغم من ميزانيتها السنوية المتصاعدة!ويبدو لي، جازماً، إلى رؤية الدولة، إلى الثقافة، وأدب الأطفال خصوصاً؛ رؤية قاصرة، مثل قصر رؤيتها في حقل السياسة الذي أوصل الأمور إلى عنق الزجاجة! وكان أطفال العراق، الذين يتكاثرون ، ثم يموتون جوعاً، أو يخضعون تحت مظلة (خط الفقر) اللعينة، لا يعنون الدولة، ومؤسسـاتها في شيء، بل الأدهى من ذلك، أن الدولة تضع برامج إستراتيجية لمحاربة الفقر، ثم يظهر أن البرامج هواء في شبك!الملايين من أطفال العراق الذين يتعرضون كل يوم إلى الفقر، وخطر المجاعة، ويتسرب الآلاف من مدارسهم إلى الشوارع، بحثاً عن لقمة العيش؛ لا يعنون الدولة البتة، وهي لا تحرك ساكناً... الظاهرة مقلقة جداً، وباتت معلقة برقبة الحكومة وسياساتها، وما على منظمات المجتمع المدني إلا أن تدّق الجرس، وتضغط على الحكومة، من أجل أطفالنا، ومن جهة ثانية تضع الخطط الكفيلة بإنقاذ الطفولة العراقية، وفق رؤية جديدة... * ما المطلوب الآن؟ -المطلوب: ميزانية مناسبة، ودار توزيع ، تطبع ، وتوزع الجريدة ، والمجلة والكتاب، والنشرات،تقوم في توجيهها (هيئة رعاية الطفولة) التابعة لوزارة العمل، وفروعها في المحافظات بمؤازرة وزارة التربية ، والتعليم العالي، والصحة، وحقوق الإنسان، ووزارة الشباب ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالطفولة، والأسرة، وبإشراف ومتابعة من قبل لجان الأسرة في مجالس المحافظات. هذه الهيئة يناط بها وضع خطة للطبع والتوزيع، والمتابعة، وفق آلية شفافة ومرنة، تلزم الهيئة فيها أطرافها بتوزيع المطبوعات إلى المدارس (قسم المكتبة المدرسية) والى الجامعة (من خلال المراكز الثقافية، والدوائر الإعلامية) وحقوق الإنسان من خلال (مديرية حقوق الإنسان) والعمل ، من خلال (دائرة الأحداث) والبلديات من خلال (المكتبات العامة) ووضع آليات للمسابقات الثقافية، وتشكيل (جماعات أصدقاء الكتاب) وتنشيط عمل النشاط المدرسي، في حقول الأدب والثقافة، بالمشاركة مع مديريات الشباب كافة. يعني أن (هيئة رعاية الطفولة) لديها النظام الداخلي الذي يؤهلها الآن، أن تتحرك في الأطراف ، بالتنسيق مع دار ثقافة الأطفال، لوجود كادر متخصص معنٍ بالكتابة، ومشرفين ، وخبراء في مجال أدب الأطفال. فضلا عن الرسامين والمصممين.***سوق الأدب الآنيمكن للمراقب أن يلمس الأطراف التي تتحكم بالسوق وهي: 1. ثمة مطابع، ودور نشر أهلية، تعدُ، وتتصرّف بشعر وحكايات محلية، وعربية، وعالمية، تعدّه وتتصرّف بتقديمه بشكل جذّاب وملوّن، لكنه متهافت، وخطر، ومسموم!الخطورة فيه، خاضعة لمزاج الدار، واجتهادات لعاملين في الدار، وهو نهج بدأه النظام السابق، في التزامه خطأ شمولياً ذا طابع سياسي. وكأن الدولة العراقية، نائمة، بلا رقيب، تفتح أبوابها للإنتاج الخاص والاستيراد من دون حساب، وقد وجدنا العشرات من العناوين لجرائد، ومجلات، وكتب، يعّج بها السوق، صادرة عن مطابع، ودور أهلية، وبعضها عن مؤسسات دينية، ومراكز ثقافية دخلت ميدان الإنتاج، بعيدة عن الرقابة. وكذلك ما تطبعه وتوزعه دور نشر عربية، أعدت حكايات عراقية، وعربية وعالمية، بشكل (مفبرك) بعيدة عن الآداب، والثقافة وضروراتها الموجهة إلى الأطفال، والمرحلة العمرية، والذهنية، والخيال والقاموس اللغوي. يعني أن هذه الدور ، تعمل على هواها، من دون الاسترشاد برأي الخبراء المتخصصين بأدب الطفل، وثقافتهم. 2. ثمة دار أميركية باسم (Scholastic) دفعت العشرات من العناوين في حقل أدب الأطفال، وأدب الرحلات، وبالرغم من الطباعة الناجحة الملونة، ذات الغلاف السميك المزود بالصور، إلا أن الكتب تتوجه وفق خط مرسوم، خط سياسي يخدم توجهات العولمة الأميركية ونظرتها إلى الأطفال، يعني إشاعة ثقافة وأدب أميركي، بعيد عن أدبنا وتاريخنا. ويعني كذلك قطع الآصرة- بين آدابنا المحلية، والبداية بأدب وافد، متهافت، يعني أن نبدأ من حيث (هم)، وليس من حيث (نحن)! وهذا يشكل إساءة بالغة إلى أدب الأطفال الذي نؤمن به، ومسخاً للثقافة العلمية والتوجهات السليمة للتربية، وعلم النفس، في فهم الطفل ككائن مستقل، له ثقافة، وخيال وفكر، وذاكرة حسب المراحل العمرية. ويبدو أن الدار الأميركية التي مركزها نيويورك، تمد فروعها إلى دول العالم كما مثبت على الغلاف: سدني – بونس أيرس – هونغ كونغ – لندن تورنتو – أوكلند – مكسيكوستي – وتصل إلى السوق العر
ظاهرة خطرة أمام الحكومة والمجتمع المدني
نشر في: 2 يناير, 2012: 07:05 م