اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > نصير الجادرجي يروي لـ(المدى) ذكرياته عن شارع طه

نصير الجادرجي يروي لـ(المدى) ذكرياته عن شارع طه

نشر في: 2 يناير, 2012: 07:53 م

 بغداد/ يوسف المحمداوي  تصوير/ ادهم يوسف نهرب من واقعنا باتجاه الماضي تقودنا خطى الخيبة التي نعيشها صوب ترفه الذي نحنّ اليه مرغمين بعد ان وجدنا أنفسنا قانطين بميادين الخراب.. نعم.. الخراب الذي نعيشه لا يعدله أي خراب آخر.. خراب نفوس ومدن وشوارع كانت بالامس ولادة للسحر والجمال والمعرفة،
شوارع بغداد الماضي، كل له بورتريت خاص يتميز به عن أمثاله من الشوارع. وجهتنا اليوم شارع متخم بالرموز والشخصيات التي لها بصماتها في تاريخ العراق واقل ما يوصف به بأنه شارع الساسة، شارع قد يجهل تاريخه الكثير من المواطنين لكن التاريخ دائما وابدا يلتفت اليه كدلالة من دلالاته او رواية من رواياته. انه شارع طه، وهو الاسم الشائع بين الاوساط ولا أظن ان هناك من يسميه شارع الخنساء كما هو مثبت رسميا. مجلة نجيب باشايقع الشارع في منطقة الاعظمية محلة نجيب باشا، وسميت بهذا الاسم نسبة للوالي العثماني نجيب باشا الذي سكنها اثناء تولي حكم بغداد عام 1842 – 1849 والذي تصف الروايات التأريخية فترة حكمه بالقوة والبطش والصرامة، ولعل ما حدث في ما يسمى مذبحة كربلاء عام 1842 يشير الى ذلك، حيث يذكر المؤرخ علي الوردي  تلك الحادثة التي سببها ان كربلاء في تلك الفترة كانت تدار من قبل زعامات اجتماعية ولا تتدخل الدولة في شؤونها، لذا سيطرت عليها مجموعة من الاشقياء يطلق عليهم لقب (البرمازية) الذين اشاعوا الفساد في المدينة وهذا مادفع نجيب باشا ان يهاجهم في ثاني ايام عيد الاضحى من عام 1842. ولم يسلم من بطشه سوى من لجأ الى الصحن الحسيني او بيوت بعض الشخصيات المعروفة، وسميت الواقعة بـ (غديردم). من هو طه؟ توجهنا انا وزميلي ادهم الى شارع طه وفي مخيلتي لوحات بديعة لشارع كانت له الريادة في القرارات التي تتحكم بمقادير الدولة العراقية، لكن الواقع الذي يعيشه الشارع ذليل ومحبط يشكو الى الله غياب هيبته وسلطته، شارع ترابي، لا وجود لمجالس الساسة والمثقفين التي كان يعج بها، ولا حدائق البيوت التي كانت تملؤها الورود والثمار. لم اشعر باني ادخل شارعا في محلة من محلات بغداد الرقي والحضارة، بل اجد قدميّ تقودني الى احدى الطرق الترابية في مدينة مهجورة وخربة، نعم هذا ما رأته عيناي في شارع طه الذي اطلق عليه الاسم نسبة الى رئيس الوزراء في العهد الملكي طه الهاشمي. طه الهاشمي ولد عام 1888 وتوفي في لندن عام 1961، والهاشمي تخرج من المدرسة العسكرية في استنبول عام 1906 ثم مدرسة الاركان عام 1909 برتبة رئيس اركان والتحق بالجيش العثماني المرابط في سوريا، كما شارك في حرب البلقان عام 1912 وفي عام 1913 التحق بجمعية العهد السرية برئاسة عزيز علي المصري ثم التحق بالجيش التركي المتواجد في اليمن عام 1913 وبقي فيها حتى 1918، ولكنه اسر من قبل الانكليز عام 1919 وتم اطلاق سراحه ليجد نفسه في دمشق، ليعين من قبل الملك فيصل بن الحسين مديرا للأمن عام 1920، وبعد معركة ميسلون ذهب الى تركيا وتسلم رئاسة التأريخ ،لكنه عاد الى بغداد عام 1920 وعين من قبل الملك فيصل آمراً لمنطقة الموصل ثم رئيسا لاركان الجيش عام 1932، وبقي يتدرج في المناصب حتى انقلاب بكر صدقي الذي منعه من العودة من لندن الى العراق ،ولكنه عاد بعد اغتياله وانتخب نائبا عن بغداد، ثم وزيرا للدفاع عام 1938 وتولى منصب رئيس الوزراء لمدة شهرين عام 1941، بعدها اختير رئيسا للوزراء من قبل الوصي عبد الاله بعد اقصاء حكومة الكيلاني، انتهت ولايته مع هروب عبد الاله خوفا من الاغتيال، شارك في تأسيس الجبهة الشعبية المتحدة ثم رئيسا لها عام 1951، ثم رئيس مجلس الاعمار عام 1953 حتى عام 1958 توفي في لندن عام 1961 وله العديد من المؤلفات منها التجمعات البشرية في العراق، وجغرافية العراق البشرية، التعبئة الاساسية واطلس العراق، وتاريخ الشرق القديم. الجادرجي يروي للمدىاستقبلنا في داره الواقعة في الشارع بحفاوة السياسي المتواضع وكرم الفلاح لضيوفه اتخمنا ونحن نجلس بقربه بغذاء وذكريات تأريخية لا يمكن نسيانها او تجاهلها او حتى الاكتفاء منها تماما، انه ابن رجل اقل ما يقال عنه من جيل اوائل المنادين بالديمقراطية والحريات العامة انه نصير كامل الجادرجي رئيس الحزب الوطني الديمقراطي وصاحب جريدة الاهالي.يقول الجادرجي ان شارع طه الذي ترونه خربا الان كان ولعقود من الزمن موطنا لستة رؤساء وزراء و12 وزيرا ومنجما ثقافيا وفكريا وفنيا، فمن هذا الشارع خرج طه الهاشمي وسمي باسمه لكونه اول من سكن فيه، وكذلك رؤساء وزراء العراق في العهد الملكي فاضل الجمالي ومصطفى العمري وحسيب الربيعي ونور الدين محمود وناجي شوكت ومن الوزراء غازي الداغستاني الذي تبوأ ايضا منصب نائب رئيس الجيش وقائد الفرقة الثانية وهو شخصية مهابة ومحترمة اعتقل في ثورة 14 تموز 1958، ومن الشارع ايضا جمال بابان نائب رئيس الوزراء في وثبة 1952، وتحدثنا عنها بالتفصيل في تحقيقنا عن شارع الكفاح المنشور في المدى ويستذكر الجادري مشاركته في تلك الانتفاضة حيث تم اعتقاله بعد ان مزق بدلة احد رجال الشرطة وافرج عنه لعدم اعتراف الشرطي بمسؤولية عن ذلك. ومن الشارع ايضا عبد اللطيف نوري وزير الدفاع في حكومة بكر صدقي ووزير الخارجية ناجي الاصيل ايضا في تلك

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram