علاء حسن كغيره من العراقيين اضطر إلى دفع ضريبة الاحتقان الطائفي، فترك منزله الكائن في حي الدورة، ودكانه الصغير لبيع القرطاسية ، واتجه إلى مكان آخر من العاصمة ليكون بديلا آمنا ، كاكا يونس عرف عنه انه كان شابا متحمسا كبقية أشقّائه الآخرين لإقامة نظام ديمقراطي، والقضاء على الديكتاتورية نهائيا ، وتطلعاته هذه طالما طرحها في جلساته الخاصة مع الأصدقاء والمقربين .
حلم كاكا يونس اصطدم كما يقول بعقبات كثيرة، وحمل من وصفهم بسرّاق الديمقراطية بإثارة العنف الطائفي، ولذلك فهو ساخط اليوم على العملية السياسية، لأنه يراها عقيمة، أو دخلت في سن اليأس، وليس هناك من فسحة أمل لتحقيق الأمنيات والأحلام.تعرض يونس للمظلومية من ثلاث جبهات بسبب انتسابه إلى مذهب لم يكن من خياراته، والمظلومية الأخرى انه من أبناء الكرد الفيليين، والثالثة تعاطفه مع حزب سياسي كان الحديث عنه من المحرمات، ولهذا كان يقول انه من المستحيل أن يعيش في ظل نظام جديد، يزيح كل هذه المظلوميات ويتخلص من أعبائها.يونس وبسبب التهجير أيام الاحتقان الطائفي، وبعد تخليه عن كل أمنياته وأحلامه، اخذ يبحث عن حيّز آمن، ولم يفكر بالعودة إلى خانقين موطن أبناء عشيرته لأن عمله في بغداد يمنعه من التحرك خطوة واحدة لتغيير الجغرافيا لغرض تصحيح التاريخ.في النظام الجديد وجد يونس نفسه مهمشا ومقصيا، بعد أن فشل في إقناع جهات رسمية بأنه كان سجينا سياسيا، ومن حقه مثل الآخرين الحصول على امتيازات أعطيت لمن تضرر من سياسة النظام السابق ، والإقصاء لدى يونس لايعني العيش على الهامش، فهناك مفردات أخرى قريبة من الإقصاء وبفعل ارتفاع ضغط الدم والذبحة الصدرية تعطلت لديه الكثير من الأعضاء فحرمه الإقصاء من إنجاب المزيد من الأبناء، فانتسب إلى المحرومين من ملذّات الحياة بسبب المرض والديمقراطية العقيمة.يونس ملا شهاب سخر من رسائل التهديد بترك منزله ودكانه في سوق الآثوريين بحي الدورة ، وسخريته منطلقة من كونه ابن أسرة معروفة، وكان والده الراحل معروف بمواقفه في مساعدة الآخرين من دون النظر إلى مذاهبهم، فهو يحضر مجالس الفاتحة، وله علاقات طيبة مع المسيحيين، يحضر مناسبات أفراحهم وأحزانهم ، ودكانه كان ملاذا لمثقفي الدورة من شعراء ومسرحيين وأساتذة كليات وتشكيليين، ومن صفات الملا انه يتحمل أمزجة هؤلاء، وغالبا ما كان يطلب من أبنائه ومنهم يونس الاهتمام بمن تناول كمية كبيرة من الخمر لإيصاله إلى منزله بسيارتهم الخاصة، صفات الملا انتقلت إلى أبنائه فكان يونس واستجابة لدعوة أبيه يحمل أمزجة المثقفين، في حالتي الصحو والسكر، وحينما ينزعج من عبارة أو شتيمة يؤجل العتاب إلى يوم الانتصار على الديكتاتورية.الملا شهاب غادر الحياة قبل حصول الاحداث الدراماتيكية في العراق، ليلتحق بنجله يوسف الذي رحل هو الآخر إثر مرض عضال، فتحمل كاكا يونس مسؤولية الأب والشقيق، وبرغم الحزن الثقيل كان يرى حلمه قريبا ، لكن حراب القتلة كانت له بالمرصاد فدفع صحته ثمنا لممارسات سرّاق الديمقراطية، وعشّاق السلاح.
نص ردن :كاكا يونس
نشر في: 2 يناير, 2012: 08:20 م