عالية طالبحين كنا نحتد مع الأشقاء المصريين والتونسيين والاردنيين، بسبب الوجود الأميركي في العراق الذي طاب للبعض أن يطلق عليه اسم المحررين بدل المحتلين ، كنا نحتد لأننا كنا نجد للأشقاء أسبابا أراها الآن واهية جدا ،
لنبرر لهم ولأنفسنا كما اعتقد استحالة تغيير نظامنا السابق دون القبول بالوجود الأميركي الذي استطاع "بتسهيلات الأشقاء" الدخول لأراضينا عبر الكويت والسعودية وقاعدة قطر وقناة السويس، تلك التسهيلات البرية والجوية التي حاسبتنا الشعوب العربية على قبولها ولم تحاسب حكوماتها آنذاك التي لم تكن تختلف كثيرا عن نظامنا السابق، لذا كنا نحتد معهم ونبرر قبولهم بأنظمتهم لأنهم لم يتحصلوا على الفرصة الأميركية التي حصلنا عليها! رغم أننا في قرارة أنفسنا كنا نعرف أن تغيير النظام بيد الاحتلال وصمة لن نستطيع إزالتها بسهولة من جبين تاريخ العراق الحديث. كانت أجوبة الأشقاء تؤكد أنهم حين يريدون تغيير أنظمتهم فلن يستعينوا بمحتل بل بأيديهم سيفعلون هذا، وهو ما حصل فعلا لاحقا واستطاعت التظاهرات الصامدة بوجه قمع السلطة أن تحقق ما أرادت وعبر تضحيات كان لابد منها وصولا إلى الهدف المنشود، وهو ما فعلته تونس قبلها ولاحقا ليبيا وتحاول أن تفعله اليمن وتونس وسوريا رغم القمع والبطش الذي تتعرض له تلك الشعوب من أنظمتها الدكتاتورية ، وبالرغم من أننا حاججنا الإخوة بتاريخ انتفاضة 1991 التي كادت تزيح النظام بتضحياتها الكبيرة لولا تدخل " أنظمة الأشقاء" والأميركان الذين فضلوا مد عمر النظام لأسباب طائفية معروفة، رغم تلك المحاججة الساطعة إلا أن الشعوب الشقيقة كانت تجد أجوبة عبر تصورات حكامهم وتدخل إيران على الخط لتسلبنا حقوقنا التاريخية في تلك الانتفاضة حسب تصورات الأشقاء. اليوم هذه الشعوب ما زالت تتظاهر كلما رأت سببا يستحق ذلك ورغم وجود خروق هنا وهناك تؤثر سلبا على تلك التظاهرات إلا أنها عموما تحقق أغراضها الايجابية دوما، على عكس تظاهراتنا في ساحة التحرير التي أصبحت لا تغني من جوع ولا تسمن أحدا، تظاهرات واهية لم تحقق أهدافا ثابتة، ولم تؤثر لا على مستوى الخدمات ولا الواقع الأمني ولا السياسي ولا الحريات ولا الحقوق، وتغافلت عن التواجد في المواقف السياسية الحقيقية التي تظهر حجم الخروق الأمنية والارتباطات الإقليمية والدولية التي تسهم دائما في إبقاء الأوضاع الشائكة على ما هي عليه إن لم تزدها تعقيدا واشتباكا، ولم يكن لهذه التظاهرات تواجدا مهما في الأحداث الأخيرة التي عاشها العراق ولم تقل كلمتها الحقة في تعرية الملفات السياسية والمتآمرين على العراق بفعل تلك الارتباطات المستشرية. تظاهراتنا أصبحت بلا طعم شعبي ، ولا تعد غير تواجد للأصدقاء والأغاني والصراخ والفوضى التي لا تحقق تغييرا لا على الاحتلال السياسي الإقليمي ولا على مستوى الإرهاب المؤسساتي المنظم وستبقى شعارات أسبوعية تحقق وقتا ترفيهيا للشبيبة ، وسنبقى نحتد مع الأشقاء وحججنا تتساقط تباعا.
وقفة: تظاهراتنا وتظاهراتهم
نشر في: 2 يناير, 2012: 08:34 م