حازم مبيضينبدأت الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية)، باتخاذ خطوات لملاحقة جمال مبارك نجل الرئيس المصري قضائيا ً، والمطالبة بمثوله أمام القضاء في اتهامات تتعلق بمصادر ثروته، وشككت في شرعية المهمات الرسمية التي يقوم بها على الساحة السياسية، وألقت هذه الخطوة بظلالها على عدّة متغيرات في المشهد السياسي في مصر،
واعتبرها البعض محاولة تهدف إلى إجهاض سيناريو التوريث المحتمل رغم أن فكرة المحاكمة مازالت في مراحلها الأولية، وهي تنتظر قبول اللجنة القانونية التي شكلتها الحركة لدراسة المسألة.معروف طبعاً أن حركة كفاية لن تؤيد دعم جمال مبارك إذا ما ترشح لخوض سباق الانتخابات الرئاسية المقبلة، لانها مبدئياَ ضد أي شكل من أشكال توريث السلطة، وهي في الوقت نفسه تشتكي من مادة في الدستور المصري تضع العديد من العقبات في طريق أي مرشح مستقل، وتمنع عملياً ترشحه باشتراطها مباركة الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، إضافة لشكوى الحركة المزمنة من المادة الدستورية التي تقول بإمكانية إعادة انتخاب الرئيس بشكل متكرر من دون قيود على عدد فترات الحكم. ومعروف أيضاً أن شعبية حركة كفاية بدأت بالتراجع منذ العام 2006، فقد هجرها العديد من ناشطيها، وهجرها آخرون تبنوا موقفا ً مغايرا ً. لكن كل ذلك لن يمنعها من تأدية الدور الهام الذي تلعبه في ساحة النقاش العام بمصر.جمال مبارك، يمتلك دون شك نفوذا ً متزايدا ً في المسرح السياسي المصري. ويقوم بدور فعال للغاية في إدارة الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، كما لعب دورا ً مؤثرا ً في إلهام عدد من السياسات الخارجية التي تطبقها الحكومة الحالية. ومسألة ترشيحه للانتخابات الرئاسية عام 2011، لم تحسم بعد، وهناك كثيرون يعترضون على فكرة خلافته، في حين يرى آخرون أن وصول مدني ليست لديه خلفية عسكرية إلى الرئاسة فكرة جيدة، بينما يرى فريق ثالث أن وصوله الى السلطة في إطار برنامج إصلاح أوسع النطاق سيكون أفضل له ولمصر وللحزب الحاكم، خاصة أنه يحظى بدعم رجال أعمال والطبقتين المتوسطة والعليا التي استفادت من سياسات الإصلاح الاقتصادي التي طبقها خلال السنوات الأخيرة. ليس دفاعاً عن النظام المصري، فهو يمتلك جيشاً إعلامياً محترفاً ومدرباً وجاهزاً، لكن الديمقراطية حين تمارس بحرية قد تكون ملائمة لفكرة وراثة جمال لأبيه، فاذا كان الرجل يمتلك رصيداً كافياً في الحزب الذي ينتمي إليه، وكان هذا الحزب يمتلك رصيداً شعبياً يكفي لإنجاح مرشحه، فاين يكمن الخطأ، وقد رأينا في أكبر ديمقراطية في العالم كيف جاء بوش الابن بعد أبيه، وكلنا يذكر نفوذ آل كندي الذين كادوا يصلون البيت الأبيض ثانية لولا تدخل القدر، وجمال مبارك ليس شخصاً عادياً، فهو يحمل الماجستير في إدارة الأعمال من الجامعة الأميركية بالقاهرة انضم للحزب الوطني قبل تسع سنوات وتولى موقع أمين لجنة السياسات التي تتولى رسم السياسات الحكومية ومراجعة مشاريع القوانين التي تقترحها الحكومة قبل إحالتها إلى البرلمان. وهو يشغل حالياً مركزين حزبيين كبيرين هما الأمين العام المساعد، وأمين السياسات. فكرة توريث جمال مبارك موقع والده من ناحية أخرى تعزز ثقافة الكرسي، وترسخها في العالم العربي، وهي فكرة تتجاوز تمسك الحاكم بموقعه إلى حصر ذلك المقعد بذريته، وإذا كانت القدرة على الوصول للسلطة بانتهاج الوسائل المعروفة أمرا ً بعيد المنال، فان ذلك هو ما يدفع الأحزاب والجماعات السياسية (مثل حركة كفاية) للجوء إلى وسائل تقود في النهاية الى اضطراب سياسي وفوضى اجتماعية، ونأمل أن لا تنبع معارضة كفاية من مبدأ المعارضة المستمرة للحكومة، وأن تكون مستندة إلى قناعتها بأن جمال لا يصلح للموقع وان هناك من هو أكفأ منه وأقدر منه على خدمة البلد.
كفاية والتوريث
نشر في: 3 أكتوبر, 2009: 06:57 م