الرئيسية > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق : يا سبحان الله

سلاما ياعراق : يا سبحان الله

نشر في: 4 يناير, 2012: 08:55 م

 هاشم العقابيعندما نحذر من عودة الدكتاتورية لا نقصد شخصا بعينه، بل تجربة كانت من أمر التجارب، واكثرها عنفا ودموية، خلفت وراءها ارثا شموليا تجاوز نظام الحكم الى عسكرة التربية والمجتمع والاعلام، وأتى على كل ما بالعراق من قيم للخير والجمال فقبرها. فلا يكفي من أجل بناء مجتمع ونظام ديمقراطيين حقيقيين بالعراق، ان تكون هناك انتخابات وبرلمان ومؤسسات مجتمع مدني، ما لم يتم التخلص من بقايا  الدكتاتورية واجتثاثها من عقول السياسيين والاعلاميين والمثقفين والناس اجمعين.
 لقد مرت ثماني سنوات او اكثر على خلاصنا من صدام، لكن مخلفاته ما زالت، وللأسف، تعشعش في اذهان وضمائر الكثيرين ممن هم في السلطة وخارجها.من بين أخطر ظواهر الخراب التي جاءنا بها صدام وميزت مرحلته، كانت ظاهرة عسكرة الاغاني والشعر الشعبي. كان خطرها يكمن ليس في انها حولت الأغاني والقصائد الى نعيق يومي يمجد الحاكم الطاغية وتعط منها رائحة القتل والدم فقط، بل، وهذا برأيي هو الأخطر، انها سممت الذائقة الشعبية الى حد ان العراقيين مرت عليهم سنوات طوال كانوا يكرهون فيها كل شيء اسمه شعر شعبي.كنت من بين الذين توقعوا ان الاغنية والشعر الشعبي العراقيين، سيستردان عافيتهما ومكانتهما بعد رحيل الطاغية. لكن الايام اثبتت ان توقعي لم يكن في محله ابدا. فقبل يومين تابعت قناة العراقية بالصدفة، واذا بالاغاني تعيد في ذاكرتي اغاني القادسية وام المعارك والحواسم. فمن كان يلوح مغنيا باننا سنمحي امريكا من الخارطة في آخر ايام صدام، صار يقول اليوم باننا نستطيع ان نصعد على متون السماء وندوس فوك متونها!!وعند مساء اليوم ذاته نقلت المحطة ذاتها مهرجانا للشعر الشعبي. واذا كل ما فيه من الشعراء الى الحاضرين الى اللافتات، يذكرني بتلك المهرجانات التي شخصها جان دمو، واتفق معه، بانها هي التي سببت الويلات والدمار للعراق. وحين كانت الكاميرا تنتقل صوب الحاضرين توقعت ان ارى بينهم صدام او لطيف نصيف جاسم، لشدة الشبه ما بين مهرجان اليوم والبارحة. شيء لا يثير الاشمئزاز والقرف، بل ويثير الفزع ان تجد اشياء حلمنا ثلاثين عاما بالخلاص منها بقيت على حالها. وانا بين القرف والفزع اردت ان اكتب شعرا بدافع لا اعرفه بالضبط. كتبت سطرين فقط وتوقفت عن الكتابة ثم مزقت ما كتبت. كل ما بقي في بالي هو انني قلت:نفس الصوت ونفس الحالة  ونفس الخلقة ونفس الداريا سبحان الله يا ربي .. كل ذاك الصاير رد صار

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram