TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أي مساءلة وأي عدالة؟

أي مساءلة وأي عدالة؟

نشر في: 13 أكتوبر, 2012: 07:30 م

هيئة المساءلة والعدالة مُلزمة بتنفيذ أوامر مجلس النواب وتوجيهاته لها، فهو أبوها، أو أمها، الذي أنجبها. ولكن ما الذي ستفعله هذه الهيئة في الوزارات عندما تنطلق إليها كتائبها تنفيذاً للأمر الصادر لها من البرلمان بعدما أُعيد تشكيلها؟

المجلس طالب الهيئة أمس بالتوجه الى الوزارات وتطبيق القانون من دون محاباة. وهو طلب جاء على لسان عضو لجنة المصالحة والمساءلة النائب جبار الكناني الذي قال في تصريح صحفي بُثّ أمس ان على الهيئة "أن تطبّق القانون الذي تعمل وفقه بكل مواده ولا تحابي شخصاً في مؤسسات الدولة".

أي قانون مطالبة الهيئة بتطبيقه؟ من أين تبدأ والى أين تنتهي؟

الخشية الكبرى أن تبدأ الهيئة من حيث يُفترض أن ينتهي عملها، أي أن تقوم باجتثاث صغار البعثيين الذين كانت غالبيتهم العظمى من المُجبرين على الانتماء الى حزب البعث ضماناً للسلامة وتأميناً للقمة العيش كما هو حاصل الآن حيث تدفق عشرات الآلاف، بينهم أعضاء وكوادر في حزب البعث المنحل، على الأحزاب الحاكمة، الإسلامية على وجه التحديد شيعية وسنية، للحصول على وظائف في الدولة أو امتيازات ومغانم مالية وسياسية.

هذه الخشية تستند إلى ما هو حاصل الآن، فثمة قرارات اجتثاث اتخذت في وزارات وهيئات مختلفة طاولت بعثيين صغار، فيما استعانت دوائر حكومية عليا ببعثيين كبار، بينهم جلادون وقتلة في أجهزة النظام السابق، ووضعتهم في مراكز خطيرة مسؤولة عن أمن الناس. والمثال الجلي والصارخ لهذا مكتب القائد العام للقوات المسلحة وقيادات الأجهزة الأمنية المختلفة. وفي الأشهر الأخيرة ظهرت اعترافات واضحة من مسؤولين أمنيين وسياسيين بان العديد من العمليات الإرهابية التي راح ضحيتها المئات من المواطنين ساهم فيها ضباط وعناصر أمن من الذين استقدموا من أجهزة النظام السابق.

لسنا في حاجة إلى مساءلة وعدالة تستهدف أساتذة الجامعات والمعلمين والأطباء والمهندسين ومن على شاكلتهم وتترك ضباط الأمن والمخابرات والشرطة والجيش في النظام السابق ممن كانوا أداة ذلك النظام في القمع والاستبداد.. تتركهم يمارسون السلطة من جديد وينعمون بامتيازات لم يوفرها لهم حتى نظامهم، وذلك بفضل الاستثناءات التي حصلوا عليها من مكتب القائد العام.

بعد نحو عشر سنوات من تأسيسها لم تثبت هيئة المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث سابقاً) أنها ناجحة. بل إن مجرد بقائها على قيد الحياة حتى الآن دليل على فشلها، وفشل مجلس النواب الذي يقف وراء إنشائها، وفشل النظام السياسي برمته الذي يحتاج هو كذلك إلى من يحاسبه عن كل أخطائه وخطاياه لتحقيق العدالة المنشودة. فليس البعثيون وحدهم مسؤولين عن القتل والقمع والاستبداد في عهدهم. حكام اليوم، وبالذات الإسلاميين، ارتكبوا خلال السنوات العشر الماضية جرائم مات فيها آلاف العراقيين واعتقل آخرون وتعرضوا للتعذيب والإهانة والتعدي على كرامتهم الإنسانية والإضرار بممتلكاتهم ومصالحهم من دون وجه حق.

لا عدالة مع الاستثناء. وإذا أُستثني ضباط أمن صدام من إجراءات المساءلة والعدالة لن تتحقق العدالة، وإذا استثني القتلة والجلادون ومنتهكو القانون وحقوق الإنسان من عناصر النظام الجديد لن تكون هناك عدالة أيضاً. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. سمير طبلة

    حقاً فالعدالة واضحة. ولا يمكن جمع الشتاء والصيف بسطح واحد. فلِمَ لا يحاسب كل من اشترك بالجرائم، آمراً ام منفذاً، في حين يحاسب من اجبر على الانتماء للبعث المقبور، او انتمى لمنفعة انتهازية، ولا دليل على ارتكابه جرائم؟

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram