TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > من ينقذ الفقراء من الحصن القديم؟

من ينقذ الفقراء من الحصن القديم؟

نشر في: 6 يناير, 2012: 07:02 م

 علي حسن الفوازيبدو أن معطيات الكثير مما يحدث في الشارع العربي في مرحلة ما بعد الثورات الربيعية باتت تواجه مأزقا إشكاليا على مستوى فهم هذه (الثورات)ومن يصنعها؟ والى أين ستذهب قطاراتها؟ وما هي سمات المراحل التي ستأتي ما بعد هذه الثورات؟ وهل سينتصر الفقراء حقا في سوح هذه الثورات، وان الحكومات الجديدة ستكون من سلالات هؤلاء الفقراء،
خاصة ان من صنع هياج هذه الثورات هم الفقراء وأبطال العشوائيات وسكان الهامش السياسي والعمراني، فضلا عن أنماط غير معروفة من مثقفي العولمة/ مثقفي الاتصالات الذين صنعوا الإطار الصوري والاتصالي لهذه الثورات. مرحلة ما بعد الثورات انكشفت عن أزمات عميقة، وعن عفاريت خبيئة صنعها التاريخ الطويل للقمع السلطوي الذي استلب العقل والإرادة والتاريخ والمؤسسات وحتى نظم التفكير، حتى صارت عند البعض فقها وشرعا بعدم الخروج على ولاة الأمور حتى وان كانوا ظالمين، مع العلم العياني بأن من صنع هذا القهر والظلم والخراب هم ولاة الأمور ذاتهم!! أزمة ما يحدث هي تمظهر لطبيعة الأزمات الموروثة، ولأزمة السلطة المهيمنة على العقل العربي، مثلما هي أزمة تفترض سلسلة طويلة من المواجهات والمراجعات الكبرى، والتي تبدأ من مراجعة التاريخ السياسي بمعناه السلطوي والإيديولوجي، وبمعناه الشرعي أيضا، وتعالق هذه المراجعات مع أصل الأحكام والنصوص، فضلا عن مراجعة التاريخ التعليمي الذي اثبت عن فشل عميق الأثر للمدرسة والأكاديمية العربية في إيجاد أجيال تعرف الطريق إلى مواجهة تحديات واقعها وتضبط مساراته، إذ كان تعليما اتباعيا وتلقينيا وتحشيديا ورهابيا باتجاه  تكريس سلطة الرمز والوصية والقوة، مثلما اثبت فشله في خلق بيئة حقيقية للجدل والنقد وفي فحص الأسئلة الكبرى، وفي تنمية الوعي النقدي عند المتعلمين، لذا ظلت المدرسة والاكاديمية جزءا من منظومة السلطة والجامع وتوجهات ولاة الامور.. ولعل اخطر مافي هذه المرجعيات هو مايخص التاريخ الاقتصادي بمعناه التنموي الذي لم يسع الى خلق اشباعات انسانية لازمة، ولاتأمين فائض قيمة للاستثمار  وللحماية الاقتصادية ولدعم محركات القوة الاجتماعية، اذ ظل اقتصادا ريعيا، وخاضعا للسلطة ولاشباعاتها الخاصة، ولانفاق حروبها ومحاربيها منذ الدولة الاموية وانتهاء بدولة صدام حسين الفنطازية..ازاء هذه المعطى المثير، هل ستظل السياسة العربية هي سياسة تقوم على صناعة الازمات الدائمة؟ وهل ان ثوراتها الربيعية التي لم تستطع ان تحوّل المجرى السياسي القديم عالقة دون الوصول الى مناطق اخرى اكثر اطمئنانا للفقراء الذي ظلوا يكررون احلامهم وبحثهم عن ثورات قابلة؟ ولماذا  لم تستفد كل هذه السياسة واصحاب الشأن فيها من الدروس الكونية لكي تعيد تأهيل خطابها السياسي على وفق استحقاق خارطة الفقراء التي تكبر وتتسع، وعلى وفق مواجهة تحديات الحداثة بنوع من العقلانية القابلة للاطمئنان والاستعمال؟هذه الأسئلة تجعلنا نرتاب كثيرا بالمعطى السياسي العربي الجديد، وطريقة إدارة القوى الجديدة الخارجة من رحم الثورات للملفات السياسية والأمنية والاقتصادية والتعليمية، حتى تبدو وكأن هذا الإدارات هي أشبه  بمن يعمل على توسيع سياج الحصن الذي يحيط بالبيت العربي، ويزيد من قلق الناس الباحثين عن حلول حقيقية لحرمانهم من الحقوق الشرعية والوضعية، ولكي تكون الديمقراطيات العربية لأول مرة ديمقراطيات تمطر خيرا وقابلة للاستخدام اليومي.ما يحدث في مصر واليمن وليبيا يعكس في جوهره شكلا مقلقا لأزمة حكم مكررة، قبل أن تكون هناك أزمة البحث عن حقوق إنسانية وتوزيع السلطة على صانعيها، لان الحرمان بكل أشكاله بما فيه الحرمان الديمقراطي سيكون من مظاهر الضرر والأضرار كما تقول القاعدة الفقهية، إذ أن بعض هذه الحقوق ستظل قرينة بوجود الحكم وبطبيعة هذا الحكم الذي سيمارس سياسة المنع والقهر، ومايحدث في هذه الدول وغيرها من تداعيات وصراعات مابين الفرقاء السياسيين أو حول توصيف هوية الدولة، أو حتى طبيعة ماتمخض من نتائج الانتخابات في مصر  يعكس في جوهره تواصل أزمة الحكم في التعاطي مع الحقوق للمكونات المجتمعية ومع توصيف الناس على أنهم مواطنون صالحون لمرحلة الديمقراطية، ومن حقهم أن يتمتعوا بهذه الحقوق وان يتساووا مع بعضهم البعض، وأحسب أن الشعارات التي ترفعها حكومات تلك الثورات تعكس واقعا يعبر عن أزمة في التعاطي مع حقيقة الحكم العادل، إذ باتت الكثير من الجماعات الحاكمة تروج لسياسات استباقية، ومنها مايحدث في البحرين واليمن ومصر والسعودية من خلال (صناعة العدو الافتراضي)،هذا العدو الذي يحرّض ويشعل الحرائق ويصنع الخطاب الإعلامي ويعلّم الناس طقوس الثورة والاحتجاج على ولاة أمورهم القدامى والجدد، وكأن الناس سذج وعمي ولايفقهون مايحيط بهم، وإنهم غير مبالين بمعرفة ماتحمله لهم عواصف الثورة العالمية للاتصالات ومنظومتها الاجتماعية، وإن أوهام وعاظ السلاطين، وفقهاء الحكم يحاولون أن يعيدوا صناعة الحصن القديم الصالح للسيطرة على الفقراء وعلى مراقبتهم، وإخضاعهم من جديد لسياسات الحشد والتوجهات الدعووية التي لاتبيح الخروج على الحاكم حتى وان ظلم، هذا الحصن هو ذاته الحصن السياسي والأمني والإيديولوجي القديم، الذي يعني الإبقاء عند العشوائيات وعند الها

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram