الرئيسية > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث: صالح والحصانة المستحيلة

في الحدث: صالح والحصانة المستحيلة

نشر في: 7 يناير, 2012: 08:14 م

 حازم مبيضينتتواصل بشكل مثير للاستهجان مناورات العقيد اليمني علي عبد الله صالح, وتتنوع بين الإعلان عن إلغاء سفره إلى الولايات المتحدة، وبين سعيه إلى إصدار قانون, يمنحه ومعه أقاربه وكبار معاونيه الحصانة من الملاحقات داخل اليمن وخارجها,
على جرائم القتل المتهمين بارتكابها ضد المتظاهرين سلمياً, منذ اندلاع الاحتجاجات المطالبة بسقوط نظامه، وهو يحاول بسذاجة وخبث الإيحاء بأن عدم السفر ناجم عن استجابته لطلب قيادات في حزبه، يقول إنهم ناشدوه بالعدول عن أية زيارة خارجية, في هذا الظرف الصعب الذي يتطلب وجوده، وكأن أجهزة إعلام الكون لم تنقل أن واشنطن رفضت طلبه لانعدام ثقتها به, ولانه ثبت لديها أن الرجل يواصل اللعب بالبيضة والحجر, حسب التعبير المصري لوصف حالته.في مواجهة هذه المزاعم واصل اليمنيون مسيراتهم الرافضة لمنح صالح أية حصانة من الملاحقة القضائية, مطالبين باستكمال أهداف ثورتهم  والإفراج عن المعتقلين في سجون الاجهزة الموالية للعقيد, على خلفية نشاطهم في الثورة، وفيما يعيش نظام صالح حالة من القلق حول المستقبل لإدراكه أن قانون الحصانة، لا يعني إغلاق ملف الملاحقات القضائية خارجياً، فانه يناور بإحياء ملف حادثة التفجير في المسجد الرئاسي, وتحويله إلى القضاء, فيما يستعيد مظاهر عسكرة الشارع, مثيراً التوتر الأمني في شوارع المدن اليمنية, في محاولة لخلط الأوراق، مع المطالبة بخروج أطراف سياسية أخرى من البلاد, يتهمها بالوقوف وراء حادثة دار الرئاسة، وهو هنا وكعادته يصر على استخدام كل الأوراق المتاحة في يده، ومن ضمنها خيار العنف والصراع العسكري الذي ما زال يمسك بعدد من أدواته، مع السعي لعرقلة إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في موعدها, على أمل إغلاق ذلك الملف، وفي محاولة لاختبار مدى جدية الأطراف الدولية, المعنية بمتابعة تنفيذ المبادرة الخليجية .صالح الذي ثبت بالوجه الشرعي سقوطه سياسياً وشعبياً, يعتمد اليوم على أباطرة الفساد, الذين عاثوا في البلاد خراباً محتمين بنظامه, وهم اليوم يدركون أن زمنهم ولى, لكنهم يحاولون تأجيل لحظة الحقيقة, ويسعون جاهدين لإجهاض أي تقدم للعملية السياسية، حتى لو كانوا مجبرين على اللجوء إلى القوة دفاعاً عن وجودهم ومكاسبهم, ويدفعون بالعقيد إلى عدم التسليم بانتهاء زمن حكمه, وانتظار أي فرصة مناسبة ( لن يجود بها الزمان ) قبل الوصول إلى النهاية الحتمية, وهي خوض معركة حياة أو موت, لا تأخذ بالاعتبار مصلحة البلاد والعباد, وتتركز على مصالح صالح وأبنائه و أنسبائه وأقربائه, في حال تعيد إلى الذاكرة المعركة الخاسرة التي خاضها صدام حسين للحفاظ على مكتسبات نفس المقربين, وهي غير شرعية مثلما يعرف الجميع.ليس مفهوماً مقدار الجرأة والوقاحة التي تدفع صالح للمطالبة بمنحه حصانة, تمنع ملاحقته على الجرائم التي ارتكبها بحق شعبه, إلا إن كان يظن أنه من غير طينة البشر, كما ظن قبله الكثير من الطغاة, ولم يعصمهم ذلك من الوقوع صاغرين بيد العدالة, والقانون البائس الذي صدر بطرق ملتوية بمنع محاكمته, لن ينجيه من المحاسبة في المستقبل، فتلك مسألة لا يمكن التخلص منها بشكل نهائي, وإذا كان ما تبقى من أزلامه في مفاصل النظام يمنحونه هذه الهدية, فإن المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان, التي انتهكها العقيد بكل الوسائل, لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا العبث الذي يتم في الوقت الضائع, بعد أن انكشفت كل الأوراق التي كان يظن بإمكانية الاستمرار بلعبها, واليمنيون اليوم معنيون بالوصول بثورتهم العظيمة إلى نهاياتها, عبر الاستمرار في الانتفاضات الشعبية التي تسعى لإسقاط رموز الفساد في المؤسسات والأجهزة الحكومية، للقضاء نهائياً على أي أثر لنظام صالح, ومنع تكرار تجربته البائسة في اليمن الذي نرجو أن يكون ويظل سعيداً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram