TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نص ردن: شبكة و( كطّان)

نص ردن: شبكة و( كطّان)

نشر في: 7 يناير, 2012: 08:26 م

 علاء حسن قبل أن يفرض النظام السابق أفكاره على المناهج التربوية ،حتى في دروس الرياضة والرسم والنشيد كان الجيل السابق من العراقيين يجيدون نشيدا واحدا يخاطبون به البط  ويتمنون له ممارسة هواية السباحة بكل هدوء واطمئنان " يابط يابط اسبح بالشط " تعيدنا إلى أيام طفولتنا وتلزمنا بالدفاع عن السمك  بأنواعه المختلفة :الكطان والبز والبني والشبوط بالابتعاد عن  شبكة الصياد فنخاطب البط  :"
قل للسمكة اتت الشبكة " بتلك البراءة العفوية  تعلمنا حق الكائنات الأخرى بالحياة فحصلنا على  انتماء غير رسمي لمنظمات الدفاع عن الحيوان  ، وتقدم العمر وحينما أجبرونا على استخدام  البنادق والمدافع والراجمات في أناشيدنا ضيعنا الدفاع عن حقوق الإنسان ، وأخذنا نتناول العشاء أمام عرض مشاهد صور من المعركة ، ونسمع بيانات القيادة العامة للقوات المسلحة ،تليها مجموعة أناشيد تنطبع في ذاكرتنا ، ونعيد إنشادها في مراسيم رفع العلم على أصوات إطلاق عيارات نارية يطلقها معلم الرياضة في كل يوم خميس ، ثم استعد واسترح والتوجه إلى الصفوف بمسير عسكري على إيقاع منتظم منضبط بالخوف والرعب ، ونسيان الصياد والشبوط والشبكة والبط .في أحد أيام الحرب  العراقية الإيرانية أصدرت وزارة التربية تعميما ألزمت فيه إدارات المدارس  استخدام المفردات العسكرية بدلا من الأخرى المتعارف عليها فأصبح القلم بندقية ، والمسطرة حربة والسبورة ميدان معركة ، والمعلم آمر الفصيل والمدير آمر السرية ، وتضمن التعميم السماح لأبناء الضباط بارتداء الزي العسكري برتب آبائهم ، أما الآخرون من أبناء الموظفين والعمال والكبسة  والجنود المغضوب عليهم فارتدوا أزياء الطلائع فأصبحوا تحت رحمة زملائهم من أبناء الضباط ، وهوعلى هذا المنوال سارت العملية التربوية في عقد الثمانينات من القرن الماضي فكانت النتيجة أن خريج الدراسة الابتدائية لايعرف كتابة اسمه ، لكنه يجيد أسماء الطائرات الحربية وأنواع الدبابات ، وطيار السمتية ،  وما تكبده العدو من خسائر  في الأرواح والمعدات  على يد الصناديد حراس البوابة الشرقية  في جبهة الخفاجية. بانتهاء الحرب  خرج العراق بمديونية بمليارات الدولارات وأعداد كبيرة غير معروفة حتى الآن  من القتلى والجرحى ، وملايين الأيتام والأرامل والعوانس  ، وعقد نفسية يعانيها من شارك في الحرب أو من كان أسيرا في إيران ، ومع كل هذه النتائج الكارثية التي تحتاج إلى عشرات السنين لمعالجتها ، أصبح حمل السلاح مظهرا مألوفا  ،  لأن عقول البعض رفضت التخلي عن الخوذة ، ولم تستطع العيش في أجواء السلم المهدد بحماقة أخرى بخوض حرب ثانية وهذا ما حصل عندما غزا النظام السابق الكويت للدفاع هذه المرة عن حق كل  الشعب العربي بالتمتع بثروته النفطية التي بددها شيوخ وأمراء وملوك العربان ، على موائد القمار في الفنادق الأوروبية ، من دون أن يشعروا بمعاناة الشعب الفلسطيني " ومتى تهتز الشوارب " وتنتصر لأصحاب الحق ، وبهذه الشعارات تعرض العراق لضربات عسكرية دمرت بنيته التحتية ، وخضع لطائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بدعم وتأييد عربي ،العراقيون اليوم بأمسّ الحاجة لإعادة نشيد "يابط يابط اسبح بالشط" خوفا على البني والكطان والشبوط من الشبكة ،  لنؤكد مرة أخرى إننا من أنصار الدفاع عن البيئة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram