عامر القيسيأن ندفن رؤوسنا في الرمال لا يعني زوال الخطر أو انه غير موجود . ففي الوقت الذي يرى الجميع ويلمس من النخب السياسية والمواطن العادي والمحيط الخارجي بان البلاد في أزمة خانقة وان احتمالات انفتاحها على خيارات سيئة واردة جدا ، فان صقور القوى المتنفذة لا يرون ذلك على الاطلاق ويعتقدون ان الحديث عن الازمة أمر مبالغ فيه وهو من فعل فاعل معاد لـ" التطور " الحاصل في العملية السياسية .
فالبلاد على سبيل المثال ليست بحاجة الى استكمال الكابينة الوزارية بالوزراء الأمنيين ، الدفاع والداخلية والأمن الوطني ، وان العمل في هذه الوزارات يسير من حسن الى أحسن وبالتالي فان الموجود من وكلاء ومدراء قادرون على ادارة وزاراتهم ، هذا رأي احد هؤلاء ، ويضيف ان الامور جيدة وتبقى الاسماء قضية شكلية ! فيما يعتقد البعض الآخر ان تعليق العراقية لعمل وزرائها في مجلس الوزراء يمكن تعويضه بتوكيل الآخرين من كتل أخرى والحكومة سائرة في تقديم " خدماتها " للمواطنين بصورة يحسدها عليها الاعداء قبل الاصدقاء !! فيما يستعرض الآخرون عضلاتهم أمام شاشات الفضائيات ليسألوا " هل نحن في أزمة ؟ " ويجيبوا برطانتهم المملة " لم تصل البلاد بعد الى مستوى الأزمة !!" وهناك من يتحدث دون أي احساس بالمسؤولية بان البلاد تستطيع ان تنطلق أفضل بالأغلبية السياسية دون الحاجة الى الشركاء الآخرين الذين يضعون العصي في المسيرة المظفرة للحكومة الرشيدة !! وكأننا قد وصلنا الى ما وصلت اليه ديمقراطيات العالم العريقة التي بنت تقاليدها الديمقراطية بعقود من الزمن .هذه العقلية التي لا تريد ان ترى وتعترف بالأزمات ، ولا تعترف بالشراكات التي وقعت عليها أكثر من اتفاقية ، وترى ان الأوضاع الحالية طبيعية وأن بامكان قوى لوحدها ان تقود البلاد الى بر الأمان .. هذه العقلية هي التي ستقودنا الى المجهول ، وتنتج لنا على الدوام أزمات جديدة لا تعترف بها ، وتدمر كل ما حصل من " انجاز " على تواضعه ، وترسم خارطة طريق للفتنة والفرقة والتنابذ وإعلاء شأن الأصوات والبرامج والتوجهات الطائفية في البلاد ، غير مقدرة حجم المخاطر التي يتعرض لها مستقبلنا جميعا ولا الدروب المغلقة التي تريد ان تقودنا اليها !!احد هؤلاء الصقور ، يلوح بالعصا الغليظة في برنامج تلفزيوني ويقول، ان الجيش العراقي غير جيش 2005 و2006 في اشارة الى امكانية استخدام هذا الجيش لقمع الآخرين،وربما استخدامه على الطريقة الصدامية ، حتى ان ضيف البرنامج الآخر سأله من باب التذكير والسخرية " هل لديكم كيمياوي؟". ان الأزمة الحالية وحراجة الوضع الحالي وتربص الاعداء باسقاط العملية السياسية والغرق في بحر من الدماء ، تحتاج الى الحكمة والتعقل والتفاهم والاعتراف بالدوامة التي تعيشها البلاد والبحث عن الحلول الحقيقية للأزمة ومشاركة الجميع الحقيقية وليس الشكلية والعددية والتباهي بها باعتبارها منجزا لا يعترف به الآخرون !!على القوى المتنفذة في الحكومة ان تلجم أفواه الصقور الآن ، وان تقتنع كما هو حال الجميع ان البلاد لا يمكن ان تقودها قوى لوحدها وان زمن عودة الدكتاتوريات قد ولى الى الأبد وان الزمن قد تغيّر ، وان من يقتنع بعكس ذلك عليه ان يرفع عينه قليلا ليرى الربيع العربي بدل ان يغمض عينيه ويعتقد خاطئا انه الخريف !!
كتابة على الحيطان: لا أزمة لدينا إطلاقا !!
نشر في: 7 يناير, 2012: 09:01 م